-->

ماذا وراء استئناف جهود المصالحة؟!

ماذا وراء استئناف جهود المصالحة؟!

مجدى داود

المصدر/ موقع قاوم  http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=7493&Itemid=1


لقد توقفت مساعى المصالحة الفلسطينية منذ شهور مضت، بعدما رفضت مصر إدخال بعض التعديلات الضرورية والجوهرية التى طالبت بها حركة المقاومة الإسلامية حماس على الورقة المصرية التى وقعت عليها حركة فتح، ومنذ ذلك الحين والمصالحة لا تزال تراوح مكانها رغم كثرة المبادرات التى قام بها أناس كثيرون وعلى رأسهم عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية ومنيب المصرى رجل الأعمال الفلسطينى والذي كان قد حصل على تفويض من محمود عباس ثم فوجئ الجميع حينما سحب عباس منه هذا التفويض علنا بعد أن رفضت الولايات المتحدة هذه الجهود التى بذلها منيب المصرى.

 

ومنذ ذلك الحين ومصر تؤكد أنه لا تعديل على الورقة المصرية من أى جهة كانت، وحركة فتح تتهم حماس بأنها تريد البقاء على هذه الحالة من الإنقسام، وتؤكد أيضا أن الورقة المصرية لا تعديل عليها، وأن أى ملاحظات يمكن التفكير بشأنها بعض التوقيع على الورقة المصرية، وتوقفت الجهود وتيقن الجميع أن لا مصالحة إلا برفع الفيتو الأمريكى وبتوفر الإرادة الحقيقية لدى حركة فتح وسلطة عباس التى تنعم فى ظل حالة الإنقسام، وتفعل كل ما تريد لخدمة الكيان الصهيونى.

 

فى شهر رمضان المبارك قامت حركة المقاومة الإسلامية حماس عبر جناحها العسكرى كتائب الشهيد عز الدين القسام بتنفيذ عمليتين جهاديتين أعادت إلى الأذهان تلك العمليات النوعية التى نفذتها خلال الإنتفاضة الفلسطينية المباركة، وفور علم سلطة عباس بالخبر، قامت أجهزته الأمنية باعتقال المئات من قيادات وكوادر حركة حماس بحجة القيام بأعمال تخريبية حتى وصل عدد المعتقلين إلى حوالى 500 معتقل فى أقل من يومين، وخرج محمود عباس ورئيس حكومته سلام فياض ليدينا هذه العملية الإرهابية من وجهة نظرهم، فيما اعتبر رد الفعل هذا مؤشرا على الحالة المزرية التى وصلت إليها حركة فتح والسلطة الفلسطينية من مطاردة المقاومة وكل عمل جهادى شريف، ومؤشرا أيضا على تعمق الإنقسام الفلسطينى من خلال إمعان هذه السلطة فى التنسيق الأمنى مع العدو الصهيونى ضد بنى جلدتهم من فصائل المقاومة الأخرى.

 

لكن فجأة وبدون سابق إنذار نسمع فى الأخبار عن لقاء يجمع بين قياديين من فتح وحماس فى دمشق بشأن استئناف جهود المصالحة، بل والتوافق على بعض النقاط الخلافية، والحديث بشكل متفائل جدا عن أن المصالحة باتت أقرب اليوم من أى وقت مضى، والحديث أن الورقة المصرية يمكن تعديلها عكس ما كان يقال سابقا من أن الورقة لا يمكن تعديلها بأى حال، بل وتأكيد مصر على أن أي شئ يتفق عليه الفلسطينيون فلن تعترض عليه وهو الأمر الذى رفضته سابقا، وتحديد موعد لإجتماع آخر قريب للإنتهاء من مناقشة الأمور الخلافية والإتفاق حولها.

 

كل هذا حدث فى وقت وجيز، فما الذى حدث لمثل هذا التغير الجذرى؟! وما سر قبول مصر بتعديل الورقة المصرية؟! وما سر الصمت الأمريكى على هذه الخطوات؟! كل هذه أسئلة مشروعة يبحث عن إجابتها كل باحث مهتم بالشأن الفلسطينى.

 

إن هذه التحركات نحو المصالحة لا يمكن فصلها عن الفشل المرتقب والتوقع من جميع الأطراف لما يسمى بالمفاوضات المباشرة بين سلطة عباس وفياض والكيان الصهيونى، فهذه المفاوضات لا يمكن لأى عاقل أن يتوقع نجاحها، وكيف تنجح ولا أسس واضحة تقوم عليها؟! وكيف تنجح وأحد الطرفين بيده كل أوراق الضغط والقوة، والطرف الآخر قضى بنفسه على ما كان يمكن الضغط به على الطرف الأول؟! وكيف تنجح هذه المفاوضات وأحد الطرفين لا يمكنه أن يتخذ أى قرار فى أى شأن دون الرجوع للطرف الآخر؟! وكيف يتم نجاح هذه المفاوضات وأحد الطرفين يعمل أجيرا لحماية أمن الطرف الآخر؟!، إن نجاح هذه المفوضات محال تماما كما يحال أن يدخل الجمل فى سم الخياط.

 

فالسلطة الفلسطينية تدرك فشل هذه المفاوضات ولكنها تسير فيها لأنه لا خيار آحر أمامها وكما قال صائب عريقات من قبل (سنظل نفاوض ونفاوض حتى تقوم الدولة) إذا فالحياة عند القوم مفاوضات تلو مفاوضات، لكن السلطة تدرك أنه لا توجد بيدها حجة تقدمها إلى الشعب الذى تحاول خديعته، كما أن السلطة تدرك أن حركة فتح نفسها قد تواجه انشقاقا حينما يكتشف بعض المخدوعين منها أن هؤلاء القيادات التى نهبت الشعب الفلسطينى لم تقدم له أى شيء، وعندما تزيل الغمامة عن أعينها وتتيقن أن أن هذه القيادات قد باعت فلسطين وتاجرت بدماء الشهداء، كما أن فشل هذه المفاوضات التى تأتى فى ظل إدارة أمريكية تم الترويج لها على أنها الأقرب إلى قضايا العالم الإسلامى، يعنى أنه لا أمل فى نجاح أية مفاوضات مقبلة بين السلطة والكيان الصهيونى، وتخشى السلطة من ثورة شعبية ضدها عندما يتم الإعلان عن فشل هذه المفاوضات.

 

ولأجل هذا فإن السلطة الفلسطينية تريد أن تبحث عن مخرج لها وعن منقذ ينقذها من هذا المأزق الذى تعيشه، فلجأت بعد مشاورة مع مصر والإدارة الأمريكية إلى تجديد جهود المصالحة الفلسطينية مع حركة المقاومة الإسلامية، وهم يريدون بذلك أن يضمنوا أن حماس لن تقوم بأى عمل ضد السلطة ولن تقوم بالتحريض الجماهيرى والشعبى ضد السلطة عندما تفشل هذه المفاوضات، لأن حماس بعد إتمام المصالحة ستكون حريصة على بقاء السلطة خاصة إذا قدمت السلطة بعض التنازلات المؤقتة لحركة حماس، ثم بعد أن تهدأ الأمور وينسى الشعب هذه الأحداث تقوم السلطة مجددا بالإنقلاب على اتفاقها مع حركة حماس والعودة إلى سابق عهدها من تنسيق أمني مفضوح وخيانة وعمالة لا سابق لها ولا مثيل.

 

ولعل ما يؤكد رؤيتنا للأحداث أن الإدارة الأمريكية ومصر لم تبديا أي اعتراض على هذه الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة، ومن المعروف سلفا أن كلا الدولتين لا يمكن أبدا أن تقبلا بوجود قوى لحركة إسلامية مثل حركة حماس.

 

ولكن هل يمكن ان تكون حركة حماس غير مدركة لهذا الأمر؟! وإذا كانت تعرف ذلك فلماذا نراها استجابت سريعا لهذه الدعوة للمصالحة؟! 

 

من وجهة نظرنا فإن حركة حماس مدركة لهذا الأمر جيدا، وتعرف ما ترمى إليه السلطة الفلسطينية من وراء هذه الجهود لتحقيق المصالحة، لكنها لا تريد أن تظهر للشعب الفلسطينى كأنها هى التى ترفض إتمام المصالحة الفلسطينية، وتريد أيضا أن تثبت أنها حريصة على الوحدة الفلسطينية، وفى نفس الوقت فهى تتوقع أيضا انقلابا سريعا من السلطة على هذا الإتفاق، فهى تريد أن تبين وتوضح للجميع أنها سعت للمصالحة ووافقت عليها، لكن هؤلاء هم من انقلبوا أولا وهم من انقلبوا أخيرا.

 

ولكن من وجهة نظرنا أيضا، فإن حماس يجب عليها أن تكون حريصة على أن تتم هذه المصالحة وفق شروطها، ولا يحق لها أن تقدم تنازلات من حقوق الشعب الفلسطينى تحت أى مسمى وخاصة فى ظل هذه الظروف التى تبدو فيها حركة فتح والسلطة الفلسطينية فى أضعف حالاتها، ويجب عليها أن تكون حريصة بعد توقيع هذا الإتفاق، فإن هؤلاء لا ثقة فيهم أبدا، هذا إن تم الإتفاق فعلا.

 

 



نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فمهما ابتغينا العزة فى غيره أذلنا الله

مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم :

إرسال تعليق