-->
الشعب يريد وحدة الجيش



مجدى داود



Mdaoud_88@hotmail.com



فى صباح يوم جمعة الغضب وقبل ان يتم فصل خدمة النت, كنت اتكلم عبر الماسنجر مع أخ من فلسطين الحبيبة, وكان الحديث عما هو متوقع يوم الجمعة من أحداث, فقلت لأخى الفلسطينى, أظن ان الجيش سينزل غدا إلى الشارع ولكنى لست موقن من هذا, وفى حالة نزول الجيش فسيكون هناك ثلاثة احتمالات واردة, أولهما ان يقف الجيش مع النظام وستكون برك من الدماء وسيبقى النظام كما هو بل ستقوى شوكته, الإحتمال الثانى أن يعلن الجيش وقوفه فى جانب المتظاهرين ويقوم بحمايتهم وهذا سينتهى بزوال النظام, الإحتمال الثالث ان يقوم الجيش بحماية مؤسسات الدولة ويقف على الحياد السلبى التام, فيترك النظام بأجهزته الأمنية الباطشة يواجه الشعب الأعزل وحينها سيكون الإنتصار للأطول نفسا والأقوى عزيمة والأصلب إرادة.



حينما قلت هذا الكلام لم أكن أعرف ماذا سيحدث فى جمعة الغضب, ولم أكن أتصور أن يكون الأمر بهذا الشكل الذى حدث, وحينما نزل الجيش إلى الشارع ورأيت التفاف الناس حوله, ورأيت جنود وضباط الجيش يحيون المتظاهرين ويلوحون لهم بأيديهم فى إشارة ضمنية واضحة على وحدة الهدف ووحدة المصير, حينها أدركت أن الجيش على الأقل لن يكون فى صف النظام, وحينما خرج اللواء اسماعيل عتمان فى البيان الأول للجيش ليؤكد أن الجيش يعى جيدا مطالب المواطنين الشرفاء المشروعة, حينها تأكدت أن الجيش قد قرر الوقوف بجانب الشعب ولكنه لا يريد أن يقوم بعمل انقلاب على الرئيس المخلوع الذى كان لا يزال هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.



لقد اختار قادة الجيش أن يقفوا بجانب هذا الشعب, وأجبروا الرئيس المخلوع على التنحى من منصبه, وقرروا أن يتولوا هم إدارة شؤون البلاد فى المرحلة المقبلة حماية لمصر وللثورة, وبالتالى فقد صار المجلس الأعلى للقوات المسلحة يمارس دورين فى نفس الوقت, دور عسكرى بحت فى الحفاظ على أمن البلاد من الأخطار المحدقة بها, ودور سياسى فى إدارة شؤون البلاد حتى تسليم البلاد إلى حكومة منتخبة فى انتخابات حرة ونزيهة.



أما الدور العسكرى فهذا لا شأن للمدنيين به, ولا شأن لأى حزب ولا جماعة ولا تيار ليبرالى أو علمانى أو اسلامى به, فهذا دور خاص بهم لا يجوز لأى كان أن يتدخل فيه أو يحاول فرض شئ ما عليهم فى هذا الشأن, وأما الدور السياسى فى إدارة شؤون البلاد فهذا قابل للنقاش والجدال والحوار والنقد البناء وهذا متاح لأى جهة أو شخص أو تيار.



للأسف الشديد تنتشر على موقع الفيس بوك مجموعة من الصفحات لأشخاص يدعون أنهم ضباط بالجيش المصرى, يطالبون بإسقاط المشير حسين طنطاوى والبعض يطالب بإسقاط كل أعضاء المجل الأعلى للقوات المسلحة, وهناك صفحات يدعى منشؤوها أنها تفضح هؤلاء القادة, وهذا أمر جد خطير, فمن هؤلاء الذين يسعون إلى الوقيعة بين الجيش والشعب, ولمصلحة من يفعلون هذا؟!



يردد البعض مقولة أن الجيش ليس هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة, وهذا صحيح, وكما يقال حق يراد به باطل, فليس معنى أن هناك فرق أن نقوم بالطعن فى هؤلاء القادة, وأن نثير الشعب عليهم, وأن نتدخل فى طبيعة عملهم العسكرى, وأن نتهمهم بالعمالة, فإذا كانوا عملاء فمن يحمى مصر؟!.



إن أى مؤسسة فى العالم كله لابد أن يكون فيها فساد, والجيش المصرى ليس مجموعة من الملائكة, وبالطبع هناك فساد, لكن ليس كل فساد يتم مناقشته على الملأ, فلا العقل ولا المنطق يقبلان ان يتم مناقشة أمور تخص العسكرية المصرية والجيش الذى هو صمام امان الوطن على صفحات الفيس أبوك أو فى الفضائيات والصحف, كما أن الشعب المصرى المخلص المتفهم لطبيعة عمل الجيش سيقف أما كل هذه المحاولات, لأن الجيش له من المكانة والمنزلة فى نفوس الناس ما يجعله فوق الشبهات.



إن من لديه مشكلة مع القوات المسلحة, أو من يدعى أنه فصل من الخدمة العسكرية فليسلك السبل الطبيعية القانونية المتعارف عليها, لكن محاولة لى ذراع القوات المسلحة باستغلال الوضع الراهن, فهذه خيانة لمصر ولثورة مصر لشهدائها.



إن اندفاع شباب الثورة دون أن يكون هناك خطوط حمراء ودون ان يكون هناك تفكير فى خطورة بعض الخطوات التى يقومون بها قد يقضى على الثورة تماما, وادعاء البعض أن الثورة تعنى هدم مؤسسات النظام القديم لبناء نظام جديد مكانه, لا يليق بمكانة مصر ويمنزلتها, ولا بما تتعرض له مصر من أخطار وتحديات جسام, وليس كل ما يحدث فى الدول الأخرى يمكن حدوثه فى مصر, وليس كل ما يطالب به البعض يمكن حدوثه.



ليس من المتصور أن نسعى إلى إحداث تمرد داخل القوات المسلحة بحجة الإسراع فى تحقيق أهداف الثورة, وليس من المتصور ان نسمح لبعض المنتسبين للجيش سابقا بالصعود إلى المنصة فى ميدان التحرير ليهاجموا المجلس الأعلى للقوات المسلحة, من منا يدرك لماذا تم فصل هؤلاء الضباط؟! وهل كانوا على حق أم على باطل؟! حتى لو كانوا على حق فهل تحدى قيادة الجيش بشكل سافر هكذا هو الحل؟!



لقد استمعت إلى تعليقات كثير من الناس البسطاء الذين كانوا مؤيدين للثورة حول هذه النقطة, وما من أحد منهم إلا وكان غاضبا, رافضا بشكل قاطع الحديث عن الجيش خارج نطاق المؤسسة العسكرية مهما كانت الأسباب والظروف, حتى ولو كان الأمر يتعلق بنجاح الثورة أو فشلها, وهذا يعبر عن رفض الشعب ذاته لأى محاولة للنيل من الجيش, فالعدو الصهيونى فى الشرق يترقب الفرص, ومعتوه ليبيا فى الغرب لا ندرى ماذا قد يفعل, وفى الجنوب السودان ومشاكله, وكل هذا يقتضى منا الحفاظ على وحدة الجيش وترابطه وتماسكه, فالشعب يريد وحدة الجيش.



http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=54950





مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم :

إرسال تعليق