-->


كثيرا
ما يتحدث الناس عن الارهاب باعتباره احد نتائج التعصب والتطرف الدينى فقط
وخاصة والتطرف الاسلامى الذى برز فى النصف الاخير من القرن العشرين
, ولكت لا احد يتحدث عن نوع آخر من الارهاب وهو أكثر خطرا من الارهاب الدينى , ألا وهو الارهاب اللادينى وهو الاكثر انتشارا وهو الاخطر والاسبق .



إن تقسيم الارهاب الى نوعين ارهاب دينى وآخر لا دينى ليس غريبا ولكنه يتفق مع الواقع الذى نعيشه , فالارهاب
بصفة عامة كما يعرفه البعض هو استخدام العنف والقوة فى غير وقتها وفى غير
محلها ومن جانب أشخاص ليس لهم الحق فى استخدام هذه القوة
, وهناك ارهاب فكرى لا يعتمد على العنف والقوة وهو منتشر بصورة غريبة , إن وصف الشخص الذى يتمسك بتعاليم دينه واوامر ربه بالارهاب هو الارهاب بعينه , إن وصف المجاهد الذى يقاتل من اجل تحرير بلده وتطهيرها وطرد المحتل البغيض منها بالارهاب هو الارهاب بعينه , إن
وصف من يتمسك بحقه ويرفض ان يتنازل عن ارضه وينفذ العمليات الاستشهادية فى
قلب المحتل البغيض الذى يدمر المساجد والمدارس ويهدم المشافى ويخرب
المؤسسات ويقتل الشيوخ والاطفال ويغتصب النساء الشريفات بالارهاب هو
الارهاب بعينه
, إن وصف من يقف شامخ الرأس مدافعا عن حقه لا يهاب عدوا ولا يخشى قويا بأنه غبى وإرهابى وعدو للسلام هو الارهاب بعينه , إن تعذيب وسجن واعتقال وقتال ومطاردة كل الذين يتمسكون بدينهم ويدافعون عن حقوقهم بحجة أنهم ارهابيون هو الارهاب بعينه .


إن
الناظر والمتأمل لتاريخ الحركات الارهابية التى نشأت عن التطرف فى فهم
تعاليم الاسلام فى النصف الاخير من القرن العشرين ليرى أن معظم مؤسسى هذه
الحركات كانوا ضمن حركات وتيارات اسلامية معتدلة ولكنهم بعدما دخلوا السجون
وتعرضوا لأبشع انواع التعذيب بلا ذنب اقترفوه أو اثم فعلوه الا لأنهم
رفعوا راية دينهم وعملوا على نصرته ليحكم الارض ويسود
, فخرجوا
من السجون والمعتقلات يحملون هذا الفكر المتطرف ولعل أبرز مثال على ذلك هو
الدكتور ايمن الظواهرى الرجل الثانى فى تنطيم القاعدة فقد كان احد شباب
الحركة الاسلامية وكانت تيارا معتدلا ولكنه بعد ان دخل السجون وعذب خرج
حاملا هذا الفكر الذى مازال مقتنعا به الى اليوم
( بالطبع
ما يقوم به تنظيم القاعدة من جهاد ضد القوات الامريكية فى بلاد الرافدين
ليس ارهابا ولكن ما يقوم به ذلك التنظيم من عمليات تفجيرية ضد المدنيين فى
البلاد الامنة كمصر وغيرها هو ارهاب
) , لهذا أقول إن الارهاب اللادينى اسبق من الارهاب الدينى بل اقول إن الارهاب الدينى هو نتيجة مباشرة للارهاب اللادينى .


كما ان الارهاب اللادينى أسبق من الارهاب الدينى فهو أيضا اكثر خطورة منه , فالارهاب
الدينى مع خطورته التى عانينا منها كثيرا الا أن له حلولا تكاد تكون جذرية
وذلك من خلال توضيح المعنى المقصود من النص الدينى وبيان القواعد والاحكام
الشرعية والفقهية لمعتنقى الفكر المتطرف وهو ما حدث بالفعل مع عشرات
الالاف من الشباب الذين تراجعوا ان أفكارهم المتشددة وعادوا الى السياق
الصحيح المعتدل
, إلا أن الارهاب اللادينى لا توجد له حلول واضحة وذلك لأن اسبابه اصلا كثيرة ومتعددة وليست واضحة فمنها حب السلطة والتمسك بها , ومنها الرغبة فى التحرر من القيم والمبادىء الدينية التى تهدف الى صلاح المجتمع , ومنها حب الشهرة والاضواء , ومنها الخصومات الشخصية , وقد تتداخل الاسباب مع بعضها البعض فيزداد الامر تعقيدا ويزداد هذا النوع من الارهاب خطورة .

لذلك
ارى أن الطريق الامثل للقضاء على هذا النوع من الارهاب هو معالجة كل سبب
على حدة وليس ايجاد حل واحد للقضاء على الكل فى وقت واحد لأنه ليس من
المعقول أن يكون علاج الارهاب الناتج عن حب السلطة هو نفسه لمعالجة الارهاب
الناتج عن الرغبة فى التحرر من القيم والتقاليد الدينية السليمة
.
مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم :

إرسال تعليق