-->

رسالة إلى أبطال العراق المجاهدين

http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=6759&Itemid=1
كتب أ. مجدي داود*   
14/04/2010
Image
أيها المجاهدون الأبطال إن الصبر على البلاء هو سنة الأنبياء، وليس هناك صبر أفضل من الصبر فى ملاقاة العدو، وإن عدوكم قد جمع لكم كل قوة، وجمع الحلفاء من مكان ورموكم كلهم عن قوس، وقد رأينا صبركم وبأسكم، فلا تتراجعوا ولا تمكنوا العدو منكم أبدا، اصبروا على ملاقاته مهما طالت الحرب ومهما كانت الظروف فلقد صبر النبى وصحبه وحاربوا فى أحلك الظروف وأصعبها، ففى غزوة الأحزاب اجتمعت قريش وحلفائها .. وفى غزوة تبوك خرج الرسول والمسلمون معه فى وقت شديد الحر لملاقاة الروم ...
 
-------------------------
 
كلما هممت أن أمسك القلم وأكتب عن الشأن العراقى أجد نفسي أتردد ومن ثم أتراجع، لكن فى الذكرى السابعة لإحتلال العراق وسقوط بغداد فى يد الأمريكان وحلفائها أكتب رسالة إلى أبطال العراق الميامين، رسالة إلى مجاهدي العراق الذين لقنوا العدو دروسا لن ينساها ، رسالتى إلى المجاهدين فقط من الشعب العراقى وليس إلى أحد غيرهم، والمجاهدين الذين أقصدهم هم الذين جعلوا العدو الأمريكى هو هدف ضرباتهم وهجماتهم وعملياتهم الإستشهادية.
 
فإلى أبطال العراق المجاهدين..
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
 
لم تكن العزة - وكذا الشرف والكرامة - يوما من الأيام عبر تاريخ الأمة الطويل الحافل بالأحداث فى الغنى أو فى الملك أو فى الجاه أو فى الحسب والنسب، لكن العزة كل العزة فى طاعة الله ورسوله واتباع الصراط المستقيم وقد قال أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة فى غيره أذلنا الله)، فالفاروق أيها الأبطال قد بين للأمة كلها طريق العزة الوحيد الذى إن تركوه أذلهم الله، وأنتم أيها الأبطال عز هذه الأمة ومجدها، فأنتم الذين أعزكم الله بالإسلام حين تمسكتم بكتاب الله وسنة رسوله وأبيتم أن تتركوا بلادكم سهلة لأعداء الله فحملتم أكفانكم على أكفكم، وحملتم على أكتافكم هم هذه الأمة وحدكم حيث تركتكم الأمة تواجهون أقوى قوى البغى والطغيان والظلم والإستكبار فى الأرض ألا وهى الولايات المتحدة وحلفائها.
 
أيها المجاهدون إن ثمن العزة ثمن عظيم، قد تقدمون فى سبيل هذه العزة أرواحكم رخيصة، قد تقتلون أو تعتقلون أو تعذبون أو تشردون، قد تفقدون أهلكم وذويكم وفلذات أكبادكم ولكن كل هذا رخيص عندكم إذا قارنتموه بالأجر العظيم من الله العلى الكبير، فالجهاد له أجر عظيم كيف لا وقد قال الله تعالى فى كتابه الكريم {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)}[سورة التوبة].
 
وروى البخارى فى صحيحه " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ قَالَ لَا أَجِدُهُ قَالَ هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلَا تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ" [حديث رقم 2257]، فمن ذا الذى قام وصام سبعة سنوات كاملة حتى الآن منذ أن بدأتم جهادكم ضد الأمريكان.
 
وروى البخارى أيضا فى صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ" [حديث رقم 2593].
 
وروى البخارى أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ" [حديث رقم 2581].
 
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم فى البخارى "الرَّوْحَةُ وَالْغَدْوَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا" [حديث رقم 2585]، ولو أردنا أن نذكر فضل الجهاد والمجاهدين كاملا فلن تكفينا المصنفات، ولن يكفينا العمر المديد.
 
وكما أن فضل وثواب الجهاد عظيم، فكذلك أيضا ثواب ما بعد الجهاد، فقد وعدكم الله إحدى حسنيين فإما شهادة فذلك الفوز العظيم فقد قال الله تعالى فى كتابه الكريم {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)}[سورة آل عمران].
 
وروى الإمام أبو داود فى سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ "، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ قَالُوا : مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ وَلَا يَنْكُلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ، فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ : أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ" [حديث رقم 2520].
 
 وقد روى الإمام البخارى رحمه الله فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلَّا الشَّهِيدَ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى" [حديث رقم 2586]، ففضل الشهادة أيها الأبطال عظيم وأجرها كبير فكفى الشهيد أنه يدخل الجنة بلا حساب وأن تغفر له كل ذنوب وأن يكون فى مرتبة الأنبياء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.
 
وإن لم تكن شهادة فى سبيل الله، فسيكون نصر من الله عظيم وفتح منه مبين فتكون العزة للدين قد عادت على أياديكم فيكتب الله لكم أجرا عظيما إلى أن تلقوه فيجازيكم خير الجزاء، هذا وعد الله قد قطعه على نفسه والله لا يخلف الميعاد، أليس الله قد قال {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24)}[سورة الأحزاب]، فأنتم وقد عاهدتم الله فلا تبدلوا ولا تنقضوا عهدكم، حتى تنالوا إحدى الحسنيين.
 
فيا رب ! إما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا
 
أيها المجاهدون الأبطال إن المحتل الغاصب عندما جاء إلى أرضكم ظن أنكم ستقابلونه بالورود وتقدمون له الشكر مع الهدايا الرمزية على إحسانه لكم بتخليصكم من حكومتكم السابقة، ظن العدو أنكم تفضلون العيش تحت الإحتلال على العيش تحت حكم من سبقه، ظن العدو أنه إنما أتى فى نزهة وظن أنكم لن ترفعوا فى وجهه سلاحا أبدا، ولكنكم خيبتم أمله فمنذ اللحظة الأولى وقفتم فى وجهه وأذقتموه خيبة الأمل، وأكثرهم فيه القتل والجراح، وبعدما سقطت بغداد قى يده ظن أنه أحكم سيطرته على الأمور وأعلن إنتهاء الحرب، لكنه لم يكن يدرك إن الحرب التى أعلن انتهائها لم تكن سوى حرب صورية، أما الحرب الحقيقية فهى التى استمرت وستستمر حتى خروجه ذليلا وقد فقد آلاف الجنود وبلايين الدولارات.
 
أتى العدو إلى العراق لكى يجعلها قاعدة عسكرية لها يبدأ منها فى إقامة امبراطورية جديدة فى الشرق الأوسط من خلال إسقاط واحتلال سبع دول عربية، لكن بفضل الله عز وجل وتوفيقه لكم، تحطمت آماله على صخرة جهادكم، ووقف حيرانا تائها كالمغشى عليه لا يدرى من أين تأتيه الضربات الموجعة، ومن أين يخرج هؤلاء الأسود الذين ينالون من جنوده ومعداته وهو أكبر وأقوى جيش فى العالم، إن العدو كان يظن أنه بمعداته الحربية الأحدث فى العالم كله قادر على أن يدمر بلادا بأكملها فى دقائق معدودة، لكنه مع أنه أحدث دمارا هائلا فى العراق لم يستطع أن يهزم هؤلاء الذين يحملون ما خف من السلاح الذى لربما مرت عليه السنون وصار من أقدم الأسلحة، فالعدو قد اعتمد على أسلحته وأنتم توكلتم على الله ربكم ولسان حالكم ومقالكم يقول {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18)} [سورة الأنفال].
 
فلما وجد العدو هذا الصمود الغريب، أدرك أنه لن يستطيع وحده أن يهزمكم، ولن يستطيع وحده أن ينفر الناس من حولكم، فهرع إلى عملائه يستغيث بهم فأغاثوه وقالوا منا حكومة، وانتخابات وبرلمان، وجيش وشرطة، فكانت كلها سيوف مسلطة على رقابكم، وخرج أناس من أراذل القوم وسفائهم يتحدثون باسم العراق ونيابة عن أهل العراق ويقولون نحن ممثلى العراقيين، ونحن وأهل العراق يشهدون أنكم أنتم من تمثلون شعب العراق حقيقة ولا أحد غيركم، خرج هؤلاء الساسة ليحدثون الناس لينفروهم من حولكم، كى يضيقوا الخناق عليكم فتستسلموا أو يهزموكم، أو يخدعوكم بالدخول فى مهزلة اللعبة السياسية كى تصيروا أنتم أيضا خوانا لبلدكم وشهود زور للمحتل كما صاروا هم.
 
فمثل هؤلاء أيها الأبطال لا تلتفتوا إليهم ولا تعيرونهم أى اهتمام، ولا تنجروا إلى تلك اللعبة والمسرحية الهزلية المسماة العملية السياسية، ولا تخدعكم المسميات ولا الألقاب، ولا تغرنكم المناصب ولا الكراسى، أيها الأبطال لقد ثبت لكم وللجميع أن الطريق الوحيد لتحرير البلاد من براثن الإحتلال هو الجهاد المسلح أولا وأخيرا، فالجهاد وحده هو الذى يجبر العدو على الخروج، والتجارب أمامكم كثيرة، فهاهى فلسطين لولا اتفاقية أوسلو اللعينة لتكنت الثلة المباركة المجاهدة من تحقيق نصر عظيم على اليهود بفضل الله، لكن العدو استخدم هؤلاء العملاء عبيد السياسة فى تحجيم الجهاد وحصار المجاهدين، لكن مع هذا فالمجاهدون وحدهم هم الذين أجبروا العدو على الخروج من غزة ذليلا مهانا، وقريبا ستثلج بإذن الله صدورنا بصفقة مشرفة لتبادل الأسرى ليخرج من السجون ألف مجاهد حر فى حين لم نر إنجازا واحدا لهؤلاء الساسة فى رام الله، وها أنتم فى العراق منذ سبع سنوات والعدو يقتل ويدمر ولم نر لهؤلاء الساسة أى إنجاز ،لقد تعاقبت ثلاث حكومات منذ بدء الإحتلال فماذا فعلوا؟ هل حققوا أمنا؟ هل أخرجو العدو؟ هل بنوا دولة ذات سيادة وقانون؟ كلا لم يحدث من هذا شئ، إلا أنهم فى الخراب والدمار يساعدون وعلى بنى جلدتهم يتأمرون وبقتلهم يتفاخرون، ولست هنا بحاجة لأن أسوق الأدلة الشرعية على بطلان وحرمة المشاركة فى هذه الحكومات المتعاقبة فى العراق أو دخول هذه اللعبة السياسية بعدما ظهرت لنا نتائجها المدمرة.
 
أيها الأبطال المجاهدون إن السياسة الحقيقية الواجب عليكم ممارستها هى الجهاد فى سبيل الله وطرد المحتل الغاصب وتحرير الأرض وفك أسر المعتقلين، وإنقاذ أخواتنا الحرائر الطاهرات العفيفات المجاهدات من براثن المحتل، فالعار كل العار أن يشارك البعض فى حكومة تعتقل حرائر المسلمين ليغتصبهن جنود المحتل، والسياسة الحقيقية هى تحويل الواقع الصعب الذى تعيشونه الذى فرضته عليكم الظروف إلى واقع خصب وفرصة مناسبة لإثخان العدو بالجراج وإكثار القتل فيه.
 
السياسة الحقيقية الواجب عليكم ممارستها هى توحيد الصفوف على منهج الإسلام العظيم فبه تقوى شوكتكم، وتكون ضرباتكم موجعة، ورؤيتكم للأمور ثاقبة، وتحركاتكم لخطط العدو مربكة وعليكم نبذ الخلاف وعدم الإنجرار إلى الإقتتال الداخلى بينكم وبين إخوانكم المجاهدين على عرض الدنيا الزائل فأنتم حتى لا تملكون سلطة وهمية لتتنازعوا على مناصب شكلية فيها، وحتى اليوم العدو يرميكم كلكم عن قوس واحدة لا يفرق بين فصيل منكم وآخر، فكلكم فى نظره إرهابيون.
 
يا أبطال العراق لا تغرنكم المسميات، ولا يغرنكم كثرة الأعداد، واعلموا أن العدو يقف بينكم يروج الشائعات وينشر الأكاذيب ويوغر الصدور لكى تقتتلوا فيما بينكم بينما يقف هو فرحا مسرورا يزكى نار الإقتتال ويقول للعالم هؤلاء لا يتركون ليحكموا ويجب القضاء عليهم، أيها الأبطال إن من هم خير منكم لما دخل بينهم المنافقون أشعل الحرب بينهم، وإن عندكم فى العراق أحفاد عبدالله بن أبى بن سلول وأحفاد عبدالله بن سبأ وأحفاد ابن العلقمى، فاحذروا أن يأتيكم العدو من هذا الباب وكونوا يقظين منتبهين لمؤامراته وحيله القذرة، فإذا حدثت بينكم وبين بعض إخوانكم شحناء وهذا أمر طبيعى ووارد الحدوث فلا يسبقنكم إليهم، مدوا إليهم يد الصلح وكونوا أقرب إلى الله وأتقى، ولكم فى سيرة السلف خير، فهذا معاوية بن أبى سفيان لما كان الفتنة فى عهد الإمام على رضى الله عنه أرسل إليه ملك الروم يعرض عليه المدد ليواجه به على رضى الله عنه ومن معه، فما كان من معاوية إلا أن أرسل إلى ملك الروم يحذره ويتوعده إن وطأت قدم جندى من الروم أرض الإسلام فسيتحد جيشه مع جيش على فيهزمون الروم شر هزيمة، ففى مثل هذه المواقف تتضح معادن الرجال، ويميز الله المخلص من المنافق.
 
أيها المجاهدون الأبطال إن الصبر على البلاء هو سنة الأنبياء، وليس هناك صبر أفضل من الصبر فى ملاقاة العدو، وإن عدوكم قد جمع لكم كل قوة، وجمع الحلفاء من مكان ورموكم كلهم عن قوس، وقد رأينا صبركم وبأسكم، فلا تتراجعوا ولا تمكنوا العدو منكم أبدا، اصبروا على ملاقته مهما طالت الحرب ومهما كانت الظروف فلقد صبر النبى وصحبه وحاربوا فى أحلك الظروف وأصعبها، ففى غزوة الأحزاب اجتمعت وقريش وحلفائها وعزموا على نسف دولة الإسلام فحفر النبى وصحبه خندقا حول المدينة فتأمرت قريش مع يهود بنى قريظة فصارت المدينة بين فكى كماشة وكادت تكون كارثة لولا فضل الله، وفى غزوة تبوك خرج الرسول والمسلمون معه فى وقت شديد الحر لملاقاة الروم، فى وقت كانت الثمار قد نضجت وحان وقت قطافها، لكن المسلمون المؤمنون بنصر الله باعوا أنفسهم لله مقابل جنة عرضها السماوات والأرض ولم يتخلف من المسلمون إلا العجائز وأصحاب الأعذار وثلاثة من الصحابة تكاسلوا وعلى رضى الله عنه بقى بأمر من رسول الله ليحرس المدينة، وقد روى البخارى " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا" [حديث رقم 2621].
 
أيها المجاهدون الأبطال إنكم لا تدافعون عن بلد كسائر البلاد، بل هو العراق، كان بالأمس مقر الخلافة الإسلامية الراشدة فى عهد أمير المؤمنين رابع الخلفاء الراشدين على بن أبى طالب رضى الله وعندما قتل فيها كان ذلك إيذانا بانتهاء الخلافة الراشدة وتحول الحكم إلى ملك عضوض إلا ما كان من خلافة الحسن بن على رضى الله عنه –بعض العلماء يعتبرون الحسن رضى الله عنه خامس الخلفاء الراشدين- وعمر بن عبدالعزيز رحمة الله عليه، ثم ما لبثت الخلافة إن عادت إلى العراق من جديد فى عهد الدولة العباسية ومنها حكمت دولة الإسلام على اتساع رقعتها، ومن العراق أيها الأبطال خرج ثلة من الرجال الذين لا زال التاريخ يذكرهم وسيبقى إلى أن تقوم الساعة، خرج من العراق هارون الرشيد فحكم الأمة ففتح الله على يديه بلادا شتى، وخرج من العراق عماد الدين زنكى السلجوقى وولده نور الدين محمود وصلاح الدين يوسف بن أيوب الذى قادوا الأمة إلى تحرير بيت المقدس من يد الصليبيين حتى كان النصر على يد صلاح الدين، فالعراق قلعة من قلاع الإسلام، أدرك الأعداء أن لها شان عظيم إذ هى صارت جزءا من حلف إسلامى، فأبوا إلا أن يعزلوها عن محيطها العربى والإسلامى، فاجتمعوا وتآمروا وكذبوا وأقسموا بآلهتهم أن يدخلوها فى مستنقع الحروب من أجل جعلها تنكفئ على نفسها فلا تقوم لها قائمة، وبالتالى يتعطل دورها فى استرجاع مجد الأمة ونهضتها وصحوتها من سباتها، فاصبروا وصابروا ورابطوا لعلكم تفلحون.
 
أيها المجاهدون الأبطال إن عليكم الإستمساك بحبل الله المتين، فعليكم بطاعة الله فبها تنصرون وإياكم ومعصية الله فبها تكون الهزيمة الماحقة وقد قال الله تعالى فى سورة النور {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)} فالوعد من الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات، فهذه أسباب النصر تلك هى بشائر الفوز.
 
أنتم أيها المجاهدون الأبطال خيرة شباب الأمة وخيرة رجالها لكم علينا فضل عظيم، فضلكم على الأمة كلها حكامها قبل محكوميها وعلمائها قبل عامتها، فضلكم على الشباب والشيوخ والنساء فى البيوت والأجنة فى بطون الأمهات، ولم لا وأنتم من تحطمت على صخرتكم أطماع الإحتلال الأمريكي، ولم لا والعدو اليوم يقف حائرا فلا هو يستطيع الخروج تاركا الأمور على ما هى عليه خشية أن يكون لكم الأمر والنهى فى العراق بعد خروجه فيكون بذلك قد أعاد العراق للأمة بدلا من أن يبعده عنها، وهو أيضا ليس بقادر على البقاء فى العراق لما يتعرض لها من هجماتكم وضرباتكم الموجعة فثبتكم الله وسدد رميتكم.
 
فضلكم يا أبطال العراق المجاهدين علينا عظيم ولم لا وأنتم الذين جعلتم العدو الأمريكي يفكر ألف مرة قبل أن يقوم بخطوة عسكرية حمقاء ضد أى دولة عربية أو إسلامية، فقد كان يظن أنكم ستقابلونه بالورود والزهور وأن الحرب على العراق ستكون نزهة وفسحة لجنوده، ولكنكم خيبتم أمله وقابلتموه بالحديد والنار والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة، فلعله اليوم قد أدرك أن المسلمين وإن كانوا يمقتون حكامهم ويريدون التخلص منهم إلا أنهم لا يمكن أن يقبلوا أن يأتى عدو يحتل بلادهم من أجل تخليصهم، ولا يمكن أن يقبلوا إحتلال خارجيا بديلا عن الديكتاتورية والظلم الداخلى.
 
دينكم علينا يا أبطال العراق كبير، وهو دين واجب السداد، لكم علينا ياأبطال العراق نحن الشعوب أن ندعمكم بالمال وأن لا ندعم عدوا لكم، وأن نقاطع عدوكم اقتصاديا، وأن نبارزه فكريا وأن نفضحه على رؤوس الأشهاد، فنوضح حقيقته للناس، ونكشف النقاب عن أفعاله وممارساته الإجرامية بحقكم، وأن نؤكد له فى كل مناسبة أننا معكم وأن الذي يمنعه منا والذى يمنعنا من نصرتكم إنما هو جور الجائرين وظلم الظالمين، ولكم علينا أن نربى أجيالنا القادمة على منهاج الإسلام فإننا قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة فى غيره أذلنا الله، وقبل كل هذا وبعده ندعوا الله لكم أن يخلصكم مما أنتم وفيه ويزيل تلك الكربة ويكشف تلك الغمة.
 
وأخيرا أرفع أكف الضراعة إلى الله مولاى راجيا إياه أن ينصركم، فثبتكم الله وأيدكم الله وأعزكم الله وأعانكم الله وسدد الله رميتكم وثبت الأرض تحت أقدامكم وزلزل الأرض من تحت أقدام عدوكم، وفك الله أسر أسراكم وشفا جراح جرحاكم، وجعل الله الجنة مثواكم، والفردوس الأعلى منزلكم مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
 
* كاتب مصري إسلامي.
 
"حقوق النشر محفوظة لموقع "قاوم"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر"
 

--
نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فإن ايتغينا العزة فى غيره أذلنا الله
مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم :

إرسال تعليق