-->

الإجرام الصهيوني مع أسطول الحرية يؤكد أن البندقية هي الحل الوحيد

الإجرام الصهيوني مع أسطول الحرية يؤكد أن البندقية هي الحل الوحيد

مجدى داود

المصدر/ شبكة الألوكة http://alukah.net/World_Muslims/0/22472/

إنَّ ما حدث لقافِلة أسطول الحرّيَّة، الَّذي كان متَّجهًا لكسْر الحِصار المفْروض على قطاع غزَّة من عمَل إجْرامي - لهو أمرٌ يَجب أن نقف عنده, ونفكِّر في تداعياته ودلالاته الكثيرة, لا يَجب أن يَمرَّ هذا الحدث هكذا مرور الكرام, دون أن نخرج منه بمجموعة من العِبَر والدُّروس, ودون أن نُحاول توْظيف هذا الحدث الضَّخم في حشْد دعْمٍ سياسي وإعْلامي وشعبي لصالِح قضيَّتنا المركزيَّة، التي هي بالطَّبع القضيَّة الفلسطينيَّة.

 

إنَّ من أهمّ دلالات هذا العمَل الإجرامي الذي تعرَّضت له قافلة أسطول الحرّيَّة: أنَّه أثبت للعالَم كلِّه أنَّ اليهود المجْرمين لا يعرفون لغةً غيرَ لغةِ القوَّة, ولا سبيلاً غير سبيل الإجْرام, وهذا ليْس بالشَّيء الغريب عليْنا؛ بل إنَّنا - نحنُ المسلمين - كان يَجب عليْنا أن نُدْرِك ذلك منذ البداية، ولكنَّ البعض ممَّن يُجيدون فنَّ المراوغة والخداع قد ضلَّل كثيرًا من المسلمين، وأوْهمَهم بِما يسمَّى "السلام" أو "التسوية"، فصار كثيرٌ من المسلمين يتحدَّثون بهذا الحديث دون أن يَعرفوا معانيَه, كان يجب على المسلمين جَميعًا - إلاَّ المنافقين منهم والعملاء - أن يُدركوا أنَّ اليهود لن يُسالِموا أحدًا, لن تتوقَّف آلتُهم الحرْبيَّة عن القتْل والتَّدْمير؛ لأنَّ الكيان الصهْيوني هو جيش له دولة، وليس دولة لها جيش, وبالتَّالي فالآلة العسكريَّة الصهْيونيَّة لا تعرف الحدود, ولا تعرف القوانين والاتِّفاقيَّات، وإن كان الكِيان الصهْيوني ملتزمًا بعدمِ شنِّ حروب على مصر أو الأردن مثلاً, فليس ذلك نابعًا من احتِرام ما يسمَّى بمعاهدات السَّلام - أو بالأحرى الاستِسْلام - بل هو نابع من حسابات المصالح السياسيَّة, فالكيان الصهْيوني استطاع من خِلال معاهدتي السَّلام مع مصر ومع الأردن أن يُخرِجَهما من دائرة الصِّراع المسلَّح.

 

الكيان الصهيوني الذي استخدم الإرهاب العسكري، المحمي من قِبَل مجلس الإرْهاب والعدْوان الدولي، الخاضع تمامًا للولايات المتَّحدة الأمريكيَّة - أثبت لكلّ الَّذين كانوا يتحدَّثون عن السَّلام أنَّه ما من سبيلٍ لردْع هذا العدو إلاَّ البندقيَّة والصَّاروخ, يقتنع بذلك مَن يقتنع، ويُكابر مَن يُكابر, لكن هذه هي الحقيقة الَّتي يجب علينا التأْكيد عليها, الحقيقة الَّتي صار مَن يقول بغيرها إمَّا جاهل لا يعرف شيئًا ممَّا يَدور حوله، أو شخصٌ له مصْلحةٌ ما ظاهرة أو خفيَّة في بقاء الحلّ على ما هو عليه، قد تكون هذه المصْلحة ماليَّة أو سياسيَّة أو غير ذلك, لكن موقفه قطعًا ليس نابعًا من رغْبته في تَحقيق مصالح الأمَّة الإسلاميَّة.

 

إنَّ الأمر ليس مُحاولة فرض رأي شخصي؛ بل هو قِراءة منطقيَّة للتَّاريخ وللواقع, فتاريخُنا مع اليهود يؤكِّد لنا بما لا يدَع مجالاً للشَّكّ أنَّهم لا يفهمون غير لغة القوَّة, ومن الأمثلة القاطعة الدّلالة على ذلك: ما حدث بين اليهود والمسْلمين في عهد سيِّدنا رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بعد هجرتِه المباركة الطيِّبة من مكَّة إلى المدينة, فقد عاهدَهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عهدًا, وبعد أنِ انتصر الرَّسول - عليْه الصَّلاة والسَّلام - والمسلمون على قريش في معركة بدر الكبرى, نقضَ اليهود عهدَهم مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأجْلاهم - عليْه الصَّلاة والسَّلام - عن المدينة, وفي غزْوة الأحزاب كاد اليهود أن يَتحالفوا مع قُريش وغطفان ومَن معهم ضدَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لوْلا الصَّحابي الجليل نُعيم بن مسعود - رضِي الله عنْه - الذي مارَسَ حربًا خفيَّة، أوْقع فيها الشَّكَّ بين قُريش واليهود، فلم تنجحْ مُحاولة اليهود في الغدْر بالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

والتَّاريخ الإسلامي بل وتاريخ اليهود منذ نبي الله موسى - عليه السلام - ومع كلّ أنبياء بني إسرائيل، مليء بالخيانة والغدْر, ولكن لا مجال لذِكْر ذلك هنا.

 

وإذا كان الأمر كذلك، فلا بدَّ من التَّأكيد الدَّائم والمستمرّ على هذا الأمر, وهو أنَّ البندقيَّة هي الحلّ الوحيد, فلا يَجب أن ننظر إلى القضيَّة الفلسطينيَّة على أنَّها قضيَّة إنسانيَّة فقط حتَّى في أحْلك الظروف الإنسانيَّة؛ بل لا بدَّ أن ننظر إليها على أنَّها قضيَّة مصير شعب وأرْض وتاريخ, ومستقْبَل أمَّة بأكملِها, يَجب ألاَّ ننظُر إلى الفلسْطينيّين على أنَّهم مجرَّد أُناس يَعيشون في ظروف صعْبة؛ بل على أنَّهم رجال يُدافعون عن دينِهم وأرضِهم وديارِهم, ووفقًا لِهذا فيجب أن يكون دعْمُنا لهم ينطلق أساسًا من هذا المبْدأ.

 

إنَّ البندقيَّة الَّتي رفعها الشَّيخ الشَّهيد عزّ الدّين القسَّام قبل نحو ثَمانين عامًا، هي الطَّريق الأنجع في ردْع العدوّ الصهْيَوني, ومن أجْل ذلك فعلى قُوى المقاومة الفلسطينيَّة بصفةٍ عامَّة، وحركة المقاومة الإسلاميَّة حماس بصفتها الحركة الأكثر شعبيَّة والأقوى والأكثر تنظيمًا وتسلُّحًا, وبصفتها الجهة المسيْطِرة على قطاع غزَّة والحاكمة له منذ حوالَي ثلاث سنوات, أن تُعيد حساباتِها من جديد، ودراسة الأمور دراسةً جيِّدة، والتمسُّك قولاً وفعلاً بالبندقيَّة حلاًّ أساسيًّا وحيدًا، ومنهاجًا وطريقًا لاستعادة الأرض وطرْد الصَّهايِنة الجُبَناء, يَجب تفْعيل دوْر البندقيَّة من جديد لكسْر الحصار؛ فالصَّهاينة لن يرْفعوا الحصار إلاَّ إذا كان ثمَّة ثمَن باهظ سيدْفعونَه في ظلِّ وجود هذا الحصار, ولعلَّ قيام الكيان الصهْيوني بارْتِكاب جريمة نكراء بحقِّ أسطول الحرّيَّة؛ بل وتَهديدها بتَكْرار الجريمة مع أيّ سفينة أُخرى قادمة، يؤكّد أنَّه لن يُكسَر الحصار إلاَّ بالقوَّة, وليس بأي قوَّة؛ إنَّما بالقوَّة العسكريَّة فقط.

 

إني لا أُنكر أهمّيَّة الدَّور السياسي, ولا أُنكر الجهود الطيّبة التي تقوم بها بعض المنظَّمات هُنا وهناك, ولا أُنكر جهود دولةٍ كتُركيا, لكن الاحتِلال لَم يَخرج من قطاع غزَّة ويُخلِ المستوطنات نتيجة اللّعبة السياسيَّة, والاحتِلال لم يوقف حربَه العام الماضي على غزَّة نتيجة اللّعبة السياسيَّة؛ بل إنَّه فعل كلَّ ذلك نتيجة الخسائر المادّيَّة التي تكبَّدها، عندما كانت البندقيَّة هي الطريق الأساسي والمنهج الوحيد, وكلُّ جهد غير ذلك إنَّما هو استِثْمار لدَور البندقيَّة الفعَّال.

 

وفي النهاية إني لا أقول ذلك متَّهمًا قوى المقاومة بالتَّفريط أو بالتَّخلّي عن المقاومة, كلا, لكنّي أدعوها إلى تفْعيل دَور البندقيَّة بعدما تبيَّن يقينًا أنَّها هي الطَّريق الأنجع الذي يُعيد الحقوق, والذي يُجبر العدوَّ على التخلّي عن غطرسته ومحاولة فرْض إرادته على الآخرين.

 

 



--
نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فإن ايتغينا العزة فى غيره أذلنا الله
مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم :

إرسال تعليق