-->

هؤلاء خذلوا كاميليا زاخر

مجدى داود

http://www.tanseerel.com/main/articles.aspx?selected_article_no=10014


إن لكل جهة ومؤسسة وجماعة وتيار مكانة ومنزلة سواء كانت مكانة عالية أو منخفضة أو دونية, وإن هذه المنزلة ليست ثابتة بنص كتاب الله ولا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, بل إن هذه المكانة مكتسبة مما فعله ممثلوا تلك الجهات والجماعات, وكلامى اليوم عن الأزهر والإخوان المسلمين والتيار السلفى بأطيافه المختلفة والفضائيات الإسلامية.

فأما الأزهر فقد اكتسب مكانته العلمية وريادته للعلم الشرعى فى أنحاء العالم أجمع من خلال علمائه الأفاضل الذين رفعوا قدر الأزهر عاليا وحموا بيضة الإسلام فجعلوا الأزهر حصن الدفاع الأول عن الإسلام ومنبر العلماء الرئيسى فى رد العدوان على كتاب الله وسنة رسوله, وصار الأزهر على ذلك سنين طويلة حتى وصل إلى ما وصل إليه من ريادة وقيادة.

وأما الإخوان فقد اكتسبوا مكانتهم من فكر وإنجازات رجلهم الأول الشيخ الفذ والقائد العبقرى حسن البنا رحمه الله, وما فعله من الذود عن الإسلام ومحاربة الغزاة المعتدين من الإنجليز فى مصر واليهود فى فلسطين, ومما أنجزه الرجل من أنه أعاد للإسلام شموليته لجميع مناحى الحياة وأكد ذلك ورسخه فى عقول وصدور عدد كبير من الناس, ومن اختلاط الإخوان بالناس ومشاركتهم قضاياهم وهمومهم وآلامهم وأحزانهم قبل أفراحهم.

أما التيارات السلفية فقد اكتسبت مكانتها من انتسابها لعلمائنا الأفاضل أمثال أحمد وابن تيمية وابن القيم وابن عبدالوهاب وغيرهم ممن نعرف عنهم العلم والفقه والجهاد فى سبيل رفعة شأن هذا الدين والدفاع عن معتقد المسلمين ودعوة التوحيد وسنة نبى الله محمد صلى الله عليه وسلم, وكذلك الفضائيات الإسلامية اكتسبت مكانتها من الدعوة إلى الإسلام ومن الإنتشار الواسع بين كثير من عوام المسلمين وأثرها الطيب فى الصحوة الإسلامية.

إن هذه الجهات الأربع المذكورة اكتسبت مكانتها ومنزلتها بين الناس من خلال إنجازات رجالها, لذا فهذه المكانة مرهونة باستمرار هذه الإنجازات, وفى الوقت الذى تختفى فيه هذه الإنجازات أو تنحرف هذه الجهات عن النهج القويم, أو تتخلى هذه الجهات عن هموم الأمة الإسلامية وتعرض عن مشاكلها فإنها ستفقد لا شك هذه المكانة وستصير هذه الجهات مثل غيرها لا قيمة لها بين الناس.

ونحن الآن فى موقف يحتاج من كل هذه الجهات أن توضح رأيها وموقفها بصراحة ووضوح, وبشكل لا يقبل لبس ولا تأويل ولا تفسير من فلان وعلان, موقف واضح يعز فى الإسلام وأهله ويذل فيه الشرك وأهله, وهذا الموقف الذى نحن فيه هو حادثة اختطاف أختنا المسلمة كاميليا شحاته زاخر التى سلمتها الأجهزة الأمنية إلى الكنيسة لتردها عن دينها, والتى كنت تسعى لإشهار إسلامها عبر الجهة المكلفة بهذه المهمة وهى الأزهر, فالدولة هى المسؤول الأول والباقون يلونها.

فالأزهر الذى كان يتوجب على كل رجاله بداية من شيخ الأزهر وحتى أقل عامل وموظف فيه أن يقفوا على قلب رجل واحد لييسروا عملية إشهار إسلام أختنا كاميليا زاخر وينهوا الأمر فى دقائق معدودة دونما أية مشاكل أو عقبات, نجده انه هو الذى عرقل عملية إشهار إسلامها بناء على توجيهات ما, وفى اليوم الثانى الذى ذهبت فيه أختنا لإشهار إسلامها وجدت الأزهر ملغما بالقساوسة ممن كانوا يفتشون المسلمين كأنهم رجال أمن أو كأنهم على باب كاتدرائية لا داخل الجامع الأزهر الذى كان منارة الإسلام فى يوم من الأيام, وفى ذات اليوم تم اختطاف أختنا كاميليا زاخر وسيقت ظلما وقهرا إلى الكنيسة لكى يردوها عن إسلامها أو يقتلوها كما حدث من قبل مع أختنا وفاء قسطنطين تقبلها الله مع الشهداء والصالحين, إن علماء الأزهر وموظفوه قد ضحوا بأختنا من أجل عرض الدنيا الزائل, لقد ردوا أختا مسلمة إلى الكفار بعرقلتهم عملية إشهار إسلامها, وإنهم ليعرفون جيدا أن إعانة الكافر على كفره حرام وحرمته عظيمة, فما بالكم برد مسلمة إلى الكفار ليردوها عن دينها؟! والله إنه لأشد حرمة وإن هذا لجريمة سيقفون جميعا امام ربهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ليسألهم فيما سلمتم أختكم؟ وإنى أذكرهم بقول الله تعالى {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)} [سورة التكوير] فهذه الموءودة ياعلماء الأزهر ستسأل فما بالكم بكاميليا التى خذلتموها وسكتم عنها وظننتكم أنكم بذلك ستجون من فعلتكم.

إن ما فعله الأزهر مع كاميليا هو مصيبة وكارثة بكل المقاييس, فهو يجعل كل من تريد إشهار إسلامها أن تتراجع عن ذلك, لأنها تخشى أن يحدث لها ما حدث مع كاميليا زاخر –حفظها الله وثبتها على الحق- وسيبقى ذلك الموقف المشين من الأزهر من أختنا كاميليا وصمة عار فى جبينه أبد الدهر.

أما الإخوان المسلمين الذين يقولون أنهم يمثلون الإسلام الوسطى, ويدعون أنهم يسيرون على ذات النهج الذى سار عليه الشيخ الإمام حسن البنا -رحمه الله تعالى- فقد التزموا الصمت المطبق, حتى بيان واحد يطالبون فيه بالكشف عن حقيقة ما جرى لم يخرج, ليس هذا فحسب, بل هم ينكرون أنها أسلمت, ويتهمون الشباب الذى يطالبون بعودة أختنا كاميليا بأنهم طائفيون مسعرو فتنة.

موقف غريب من الإخوان المسلمين, أجهدت نفسى فى أن أعرف له تبريرا فلم أجد سببا مقنعا يجعلهم يتخذون هذا الموقف, إلا أنى وجدت أسبابا كثيرا تدفعهم لهذا الموقف, ومن هذه الأسباب: رغبة الإخوان فى أن يبقوا بعيدا عن أى شأن يتعلق بالنصارى حتى يجدوا بعد ذلك فرصة لتحالفات سياسية غير مشروعة, وحتى يخرج بعض النصارى ليثنوا على الإخوان أو على الأقل لا يتهمونهم بأنهم وراء مطالبتنا بعودة أختنا إلينا سالمة غانمة, وإن الإنتخابات على الأبواب, وهم يريدون أن يخرج بعض العلمانيين والليراليين ليبرؤوا ساحتهم وليبعدوا عنهم تهمة الطائفية التى صارت لصيقة بالمطالبين بعودة اختنا كاميليا, إن الإخوان باتوا اليوم لا يفكرون إلا فى المصالح السياسية فقط, يضحون بكاميليا وبألف امرأة مثل كاميليا من أجل بعض المقاعد فى البرلمان, صار هم الإخوان السياسة ولعن الله سياسة تجعل الأخ يفرط فى أخته, وتجعل جماعة كالإخوان يكونون كالفئران فى جحورهم لا يصدرون حتى بيان استنكار, الإخوان باتوا على استعداد لفعل أى شئ يقربهم من كراسى البرلمان, وهم على استعداد لفعل أى شئ ليرضوا به النصارى والعلمانيين والليبراليين, كل شئ عندهم صار مباحا, وبالتالى فلا مانع من أن نضحى بكاميليا من أجل كرسى فى البرلمان, مع ان العقل والحكمة يقول أنهم إن وقفوا بجانب أختهم ونصروها ولم يخذلوها سيزداد رصيدهم لدى الناس ويزداد تأييد الناس لهم, ولكن أنى لهم أن يفكروا بعقولهم, فعقولهم قصروها فقط على الكليات مثل الإنتخابات البرلمانية والنقابية, لكن الجزئيات البسيطة كإسلام أخت واختطافها فلا تهمهم.

وإذا كان هذا هو حال الأزهر والإخوان, فإن التيارات السلفية ليست بأفضل حالا, فلا تزال تعيش فى تلك الزوايا والمساجد التى اعتقدوا أنهم بالسيطرة فقد نصروا الإسلام وأعزوا أهله, وظنوا أن خدمة الإسلام فقط فى إعفاء اللحية وتقصير الثياب أما كل ما عدا ذلك فهو من باب الرفاهيات الغير مطلوبة فى زماننا, لا مشكلة أبدا عندهم فى أن تختطف امرأة مسلمة, فبظنهم أن هذا غير مضر, وبظنهم أن الحديث فى هذه الأمور هو من قبيل السياسة وعندهم (لعن الله ساس يسوس سياسة), فالسلفيين بمختلف توجهاتهم يريدون أن ينصروا الإسلام لكنهم لا يريدون الإبتلاء, وأنى لهم هذا, إنهم يقرأون كتاب الله لكنهم لم يقرأوا هذه الآية من سورة العنكبوت {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)} وإن كان قرأوها فهم لم يقفوا عندها ولم يتدبروها ولم يعرفوا معناها.

السلفيون الذين يدعون اتباع نهج النبى وصحبه والسلف الصالح, لا يفعلون ما فعله السلف الصالح, لم يذكر التاريخ أن أحدا من السلف رأى الكنيسة تختطف أختا مسلمة وظل صامتا, بل إن التاريخ ليحدثنا عن كيف أن الخليفة العباسى المعتصم لما بلغه أن امرأة مسلمة أسيرة فى بلاد الروم صرخت وقالت (واإسلاماه) فأجابها وهو على سريره قائلا (لبيك لبيك) ونهض من ساعته وصاح فى قصره (النفير النفير) وركب فرسه وخرج من بيته فجهز وجيشه ولم يعد بيته منذ خرج إلا وقد فتح عمورية وأنقذ تلك المرأة المسلمة.

فهل يعى السلفيون هذا؟! كلا, ما هم بالذين يتدارسون سير من سبقوا ليتعلموا منهم كيف حال السلف؟! هم فقط يدعون اتباع السلف, وأكرر أننا ما علمنا عن السلف أنهم قعدوا عن نصرة مسلمة.

ولكن إحقاقا للحق فقد رأيت قلة قليلة من علماء السلفيين يتحدث فى الأمر وهو الشيخ ياسر برهامى والاشيخ مصطفى العدوى ومحمد الزغبى, ولكن هذا لا يكفى ولا يسمن ولا يغنى من جوع.

أما الفضائيات الإسلامية التى من المفترض أن تكون ذراعا إعلاميا للمسلمين ومتحدثة باسم المسلمين فى كل مكان, نجدها أول من يعرض عن أحوال أمة الإسلام, هم دائما فى كل موقف آخر من يتحرك, فى حرب غزة الأخيرة وجدنا كيف خرج على هذه الفضائيات من سب المجاهدين ونعتهم بالحماقة والجهل, لم نر هذه القنوات تتحدث عن واقع المسلمين فى العراق وفى أفغانستان والشيشان, كلا لا يتحدثون فى مثل هذه الأمور.

الفضائيات الإسلامية شاركت من حيث لا تدرى بسوء أو بحسن نية فى إيجاد وتدعيم ما يسمى (بالعلمانية فى ثوب إسلامى), هذه الفضائيات قالت للناس بلسان الحال أن الإسلام لا يعدو كونه مجموعة من العبادات والأخلاق الحسنة, يدعى من فى هذه القنوات أنهم يردون الناس إلى التوحيد, فهل تردون الناس إلى التوحيد؟ وتدعون النصارى إلى الإسلام ثم تخذلونهم ولا تحركون لهم ساكنا؟! فأى عاقل سيصدقكم؟!, أى عاقل سيتبع ما يقال على هذه الفضائيات إذا كان يرى شيوخ الفضائيات لا يفعلون ما يقولون؟! من ذا الذى يقول الحق ويصدع به وهو يراهم لا يصدعون بالحق؟!

سيقول قائل (إن هذه الفضائيات لو فعلت ما نريد لأغلقت فى ذات اليوم) وهذه حجة من لا حجة له, كيف يخشون الناس والله أحق أن يخشوه؟! أليس هذا هو ذات الكلام الذى يقولونه للناس؟! فكيف يطلبون من الناس أن يصدقوهم إذا؟! ثم أليسوا بسكوتهم يخدعون المسلمين؟! أليسوا بسكوتهم يوهمون عوام الناس أن الامور كلها بخير؟! أهذه هى الأمانة التى حملوها على أعناقهم؟!.

إذا كان شيوخ وأصحاب هذه الفضائيات يظنون أنهم بسكوتهم عن الحق يحافظون على قنواتهم, فهم واهمون لا يعرفون شيئا, إن المحافظة على هذه القنوات تكون بالصدع الحق مهما كانت النتائج, ماذا سيحدث إن أغلقوا قناة من كل هذه القنوات؟! إن عندنا قنوات مكررة لا تأتى بجديد, ما يذاع اليوم على هذه القناة سيذاع غدا على قناة وهذا من الترف والرفاهية التى أصيب بها القائمون على هذه الفضائيات, والله لأن تغلق قناة أو اثنتين شرف لها من أن تكون شاهدة زور على هذه الجرائم, ولأن تغلق قناة أو اثنين خير ألف مرة من بقائها على حالها المزرى, إذا أغلقت إحدى الفضائيات وعرف الناس سبب إغلاقها من شأنه أن يبين للناس أن عدونا لا يزال يفكر فى القضاء علينا, وأن أمتنا فى خطر, ووالله إن إغلاق كل هذه الفضائيات لا يساوى أن تتعرض لأذى خصلة من شعر أختنا المسلمة كاميليا زاخر, فما بالكم بردها عن دينها؟!

إننى أهيب بالإخوان المسلمين وبالتيارات السلفية وبالقائمين على الفضائيات الإسلامية أن يصدوا بالحق وألا يكتمونه وأضع بين أيديهم قول الله تعالى فى سورة البقرة {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)}, أما الأزهر فأظننا قد كبرنا عليه أربعا منذ زمن.

 

 



 
   Bookmark and Share      
  
 هؤلاء خذلوا كاميليا زاخر


--
نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فإن ابتغينا العزة فى غيره أذلنا الله
مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم :

إرسال تعليق