-->

اتفاق الدوحة .. حماس إلى أين؟!


تحقيق أعده/ مجدي داود

 

في خطوة مفاجئة للجميع، وقع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اتفاقًا في الدوحة لإنهاء حالة الانقسام وتشكيل حكومة جديدة تشرف على إجراء الانتخابات التشريعية المزمع عقدها خلال الأشهر القليلة المقبلة، ويقضي الاتفاق بأن يتولى محمود عباس رئاسة الحكومة الجديدة مع احتفاظه برئاسة السلطة الفلسطينية وفي نفس الوقت رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية.

 

    الاتفاق الذي تم التوقيع عليه يعطي محمود عباس كافة السلطات التنفيذية وبذلك تخرج حماس من السلطة التنفيذية، ويعيد الأمور كلها إلى يد حركة فتح كما كانت قبل 2006، كما أنه يخالف اتفاق المصالحة الذي وقع في القاهرة والذي ينص على تولي شخصية مستقلة رئاسة الحكومة الجديدة، فما الذي دفع حركة حماس بعد كل هذه السنوات وبعدما تحملت الحصار والظلم منذ ذلك الوقت إلى القبول بهذا الأمر؟! ولماذا تم التوقيع على هذا الاتفاق في الدوحة وليس في القاهرة، على الرغم من أن ملف المصالحة الفلسطينية هو أحد الملفات التي تختص بها المخابرات العامة المصرية، وهل يؤثر ذلك على علاقة حماس بالقاهرة؟!

 

    كما يطرح هذا الاتفاق كذلك تساؤلات حول تداعيات هذا الاتفاق على الحركة على المستوى العربي والدولي؟! وهل يمكن لهذا الاتفاق أن يحل المشكلة بين فتح وحماس؟! وكذلك تداعيات هذا الاتفاق داخل حركة حماس ذاتها بما ظهر من معارضة قوية لهذا الاتفاق من قيادات عليا في الحركة؟!.

 

• لماذا الاتفاق؟!

 

    في البداية أكد القيادي في حركة حماس إسماعيل رضوان –في تصريحات لصحيفة الرياض- أن هذا الاتفاق يأتي للخروج من الأزمة المتعلقة بشخص رئيس الحكومة الجديدة، حيث ترفض حماس وجود سلام فياض على رأسها، ويؤكد أن حماس قدمت هذا التنازل لإتمام عملية المصالحة وإنهاء الانقسام.

 

    وعن توقيع الاتفاق في الدوحة، فقد أكدت الحركة سابقًا أنها ترحب بأي جهود لإنهاء حالة الانقسام وإتمام المصالحة من أجل تقوية الموقف الفلسطيني والوقوف صفًا واحدًا ضد المحتل الصهيوني.

 

     ومن جهته يقول الدكتور عدنان أبو عامر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني في تصريحات خاصة: "أظن أن ما دفع حماس للتوقيع على المصالحة هو الضغط الذي تشعر به إقليميًا بعد الأحداث الدائرة في سوريا وصعوبة بقائها هناك، واضطرارها للذهاب إلى الأردن مقابل التعجيل بالمصالحة مع السلطة الفلسطينية، بالتنسيق مع الأمريكان، إلى جانب العلاقة الوثيقة التي تربطها بقطر وصعوبة أن تقول لها "لا" في مثل هذا التوقيت الحساس".

 

     ويتابع حديثه قائلًا: "الجغرافيا ليس لها كثير من العلاقة في التوقيع، فحماس تعلم أن المصريين لديهم من الأعباء الداخلية الكثيرة، وليسوا متفرغين للموضوع الفلسطيني، واعتقد أن هناك توافقًا قطريًا أردنيًا مصريًا عربيًا في مكان وزمان التوقيع".

 

    بينما يرى الأستاذ إبراهيم المدهون الكاتب والباحث الفلسطيني بمركز أبحاث المستقبل أن: "دور الدوحة مؤثر في الكثير من القضايا الجوهرية في المنطقة وخصوصًا بملف الثورات العربية، وتربط أمير قطر بقيادة حماس الكثير من العلاقة الأيجابية التي تجعلهم يضعونها في الحسبان ويردون له بعضًا من مواقفه المشرفة لحماس خصوصًا في مسألة حرب غزة"، وذلك في تصريحات خاصة لنا.

 

    ويضيف: "أعتقد أن اتفاق الدوحة لن يؤثر على العلاقات المصرية لأن علاقة حماس بمصر أعمق بكثير من أن يؤثر فيها سلوك هنا أو هناك، ومصر أكبر بكثير من أن تتحسس من علاقات عربية، بالإضافة إلى أن هذا الاتفاق لا يتعارض مع دور مصر المركزي والأساسي في رعاية المصالحة".

 

• أهمية الاتفاق:

 

    أكد إسماعيل رضوان القيادي بحركة حماس أن إعلان الدوحة خطوة مهمة وكبيرة تجاه استعادة الوحدة وإنجاز مشروع المصالحة، مشيرًا إلى أن المطلوب من عباس وحركة فتح تطبيق اتفاق المصالحة بكل ملفاته؛ الاعتقال السياسي، جوازات السفر، إطلاق الحريات العامة، وحرية التنقل، حتى يشعر المواطن بالآثار الإيجابية للمُصالحة.

 

     بينما يؤكد إبراهيم المدهون أن: "الاتفاق كغيره من الاتفاقات التي جرت في القاهرة وغير القاهرة لن يصل لحل جوهري لمجمل القضايا الفلسطينية، وأعتقد أنه سيعقد الحالة الفلسطينية، فشخصية عباس لا تحظى بقبول لدى الكثير من الأطراف الفلسطينية منها قوى اليسار التي أعلنت رفضها لعباس رئيسًا للوزراء، وهناك إشكاليات قانونية، أيضًا جزء كبير من حماس يعتقد أن الاتفاق يعزز الانقسام لأن عباس جزء من المشكلة وهذا الاتفاق يعطي استفرادًا أكبر في القضية الفلسطينية وهو غير مؤتمن عليها".

 

     كما يرى المدهون أن الاتفاق: "لن يضيف لحماس أي جديد لأنه اتفاق أبتر وغير كامل، ويفتقد للنضج ولا يحمل عوامل صموده، ولم يتطرق لتفاصيل". وأضاف: "أعتقد أن حركة حماس الآن تعتمد على التغيرات في المنطقة وخصوصًا ما يحدث في مصر وتونس وسوريا وتراهن على احتضان الشعوب العربية لها وهذا ما يدعمه جولات رئيس الوزراء في غزة إسماعيل هنية وخطاباته التي تحاكي الجماهير أكثر مما تحاكي الأنظمة العربية والدولية".

 

    وعن تأثير هذا الاتفاق على علاقة حماس بمحيطها الإقليمي والعربي وكذلك علاقاتها الدولية، يقول عدنان أبو عامر: "لن يكون للمصالحة ذلك التأثير الكبير على علاقات حماس الإقليمية والعربية، حماس لجأت للمصالحة للخروج من أزمة الضغوط الممارسة عليها عربيًا، ولذلك جاءت مفاجئة للجميع، وربما أنها تعول على عدم قدرة عباس على تنفيذ المصالحة من طرفه، بحيث يأتي الفشل من ناحيته هو، وليس هي، وربما يعلم العالم والمجتمع الدولي والإقليمي أن حماس مقبلة على تحولات كبيرة في خطابها وتحالفاتها، الأمر الذي يستدعي من الجميع التريث والانتظار لقراءة هذا الخطاب وتغير التحالفات بعد المصالحة".

 

• تباين المواقف :

 

     كشف هذا الاتفاق عن وجود تباين كبير داخل حركة حماس، فبينما وقع مشعل على الاتفاق، ظهرت معارضة قوية من داخل الحركة، فالدكتور محمود الزهار القيادي البارز بالحركة رفض هذا الاتفاق وأكد أنه خروج على ما توافقت عليه قيادة الحركة واعتبره خطرًا على مشروع الحركة الإسلامية في فلسطين وعلى مشروع المقاومة، مشيرًا إلى أن الحركة ستعقد اجتماعًا تشاوريًا لحسم هذا الموضوع، كما رفضت كتلة حماس بالمجلس التشريعي الفلسطيني هذا الاتفاق وأكدت أنه يخالف القانون الأساسي الفلسطيني، حسبما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط، كما ظهرت معارضة شديدة من قبل كوادر الحركة من خلال تعليقاتهم على الفيس بوك والمواقع الاجتماعية وكذلك من خلال مقالتهم حول الاتفاق، في الوقت ذاته تنفي بعض القيادات وجود خلاف حول هذا الاتفاق، فقد أكد إسماعيل رضوان أنه لا يوجد خلاف داخل الحركة وأنها تأخذ قراراتها في مؤسساتها الشورية.

 

     وحول حقيقة هذا الخلاف ومدى تأثيره على الحركة، قال عدنان أبو عامر: "على الصعيد الداخلي، هناك معارضة كبيرة للمصالحة داخل حماس في غزة، لأسباب قانونية وسياسية وتنظيمية" ويفصل هذا الإجمال قائلًا: "قانونيًا؛ ترى حماس أنه لا يجوز قانونيًا الجمع بين منصبي رئيس السلطة والحكومة في آن معًا، وبالتالي لن يرضى عباس الامتثال أمام المجلس التشريعي للمساءلة. وسياسيًا، حماس ترى أن عباس في وضع مهزوز ومضطرب ومتراجع، وتأتي المصالحة لتعزيز موقفه، ورفع شعبيته في أوساط الفلسطينيين والعرب، في حين أن موجة الربيع العربي تصب في صالح حماس، ولذلك كان بإمكانها أن تكون المصالحة في صالحها وليس العكس، أما تنظيميًا، فمن الواضح أن مشعل وقع المصالحة دون إبلاغ وإشعار حماس في غزة، بعد الضغوط التي مارسها القطريون عليها، ولم يستطع التشاور مع رفاقه لكن ذلك لا يعفيه البتة من ارتكابه مخالفة قانونية وتنظيمية داخلية، ومع ذلك فإن بإمكانه مراضاة قيادة غزة، وجعل المعارضة له في الداخل في القريب العاجل".

 

    ويتفق معه إبراهيم المدهون فيقول: "أعتقد وجود تباين كبير اتجاه هذا الاتفاق، وهناك حالة من عدم القبول صرح بها أكثر من مسئول على رأسهم الدكتور محمود الزهار". ويضيف: "أعتقد أن مؤسسات حماس قوية وستحترم أي اتفاق تم التوقيع عليه ولكن ستكمن العقدة في التفاصيل فمثلًا؛ الوزارات السيادية، ونائب رئيس الوزراء وعدد الوزراء التي ترشحهم حماس، وكتاب التكليف والقسم في التشريعي وسياسة الحكومة ومدة الحكومة وموعد الانتخابات"، ويختتم المدهون كلامه بالقول: "الحالة الفلسطينية معقدة وتحتاج للتمهل والتأني وعدم الاستعجال وانتظار التغيرات في المنطقة".

 

• كاتب وصحفي مصري.

 

حقوق النشر محفوظة لموقع "قاوم"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر

 

http://ar.qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=8160&Itemid=1312

 

 

 

مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم :

إرسال تعليق