-->

الكرة المصرية بين الدماء والسياسة والفوضى

الكرة المصرية بين الدماء والسياسة والفوضى


تقرير إخباري من إعداد: مجدي داود


مفكرة الإسلام:  صلاح جيفارا: يا جماعة ده إللي حصل قدام عيني: أنا لسه داخل البيت ، الأمن هو إللي فتح البوابات وقال: "اطلعوا خدوا حقكوا علشان هم [ألتراس الأهلي] كتبوا: 'بلد البالة [الملابس المستعملة] مافيشهاش رجالة'.. ناس كتيرة ميتة وناس كتير متعورة.. أنا وصاحبي كنا بننقل المصابين واللعيبة كانت بعيط.. الأمن هو إللي فتح البوابات وقال: اطلعوا خدوا حقكوا.

فرد عليه عبد الرحمن الزغبي قائلاً: "أنا من بورسعيد وكنت راكب ميكروباص.. واحد من إللي حضروا الماتش كان قاعد وراء السواق بيقول له: "أنا نزلت الملعب .. بتاع الأمن قال روحوا "طلعوا ..." [عبارات استفزازية تحريضية] دول بيقولوا إن مافيكوش راجل!! والله ده سمعته بوداني".

هذا كان جزءًا من حوار دار بين اثنين من مشجعي فريق المصري البورسعيدي لكرة القدم بعد أحداث بورسعيد المؤسفة، التي سقط فيها حوالي 73 قتيلا وأصيب المئات الآخرين، عقب اقتحام جماهير كرة القدم مصرية، أرض ملعب استاد النادي المصري بمحافظة بورسعيد، بعد نهاية مباراة بين النادي الأهلي والنادي المصري، على الرغم من فوز النادي المصري بثلاثة أهداف على النادي الأهلي، وفي نفس الوقت اشتعلت النيران في استاد القاهرة بعد توقف المباراة احتجاجا على ما حدث في بورسعيد.

تأتي هذه الأحداث لتثير تساؤلا هاما، هل هذه الأحداث عفوية أم أنها أحداث مدبرة؟!

المباراة كانت على أرض فريق المصري، وخرجت النتيجة في صالح النادي المصري بثلاثة أهداف، وعلى الرغم من هذا اقتحمت الجماهير الاستاد، وهو ما يعني أن الأمر ليس عفويا، ربما كان من الممكن قبول هذه الفكرة لو كانت النتيجة في صالح النادي الأهلي، وهو ما يعني أن الأمر مدبر من قبل، وقد شكل أهالي مدينة بورسعيد لجانا شعبية لحماية مشجعي النادي الأهلي والألتراس الذي لا يزالون موجودين في بورسعيد، فمن هو العقل المدبر لهذه الجريمة التي أسقطت كل هؤلاء القتلى في أقل من ساعة؟!

قبل أيام قليلة وبالتحديد يوم الرابع والعشرين من يناير أعلن المشير محمد حسين طنطاوي رفع حالة الطوارئ، إلا على من أسماهم البلطجية، ولم تمض أيام حتى حدثت عدة حوادث تشير إلى ظهور حالة من الانفلات الأمني، حيث حدث هجوم على بنك "HSBC"، والهجوم على إحدى سيارات نقل الأموال وسرقة 2 مليون و200 ألف دولار، واحتجاز رهائن صينيين يعملون فى مصانع الأسمدة بسيناء، إلى أن أكد وزير الداخلية أمس أمام البرلمان على ضرورة عودة قانون الطوارئ مرة أخرى.

الدكتور عصام العريان عضو مجلس الشعب ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة، أكد على قناة الجزيرة مباشر مصر أنه علم من مصادر مؤكدة أن المسئولين عن الأمن في الاستاد هم الذين قاموا بفتح الأبواب الفاصلة بين جماهير النادي الأهلي والنادي والمصري، مؤكدا أن هناك عقل يدبر لإغراق مصر في حالة من الفوضى، واتهم بقايا نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك بالوقوف وراء هذه الجريمة.

وأكد العريان أن المنظومة الأمنية تنتقم من الشعب بسبب الدعوة لإلغاء حالة طوارئ، وأن التخريب متعمد للبلد فى ذكرى الثورة مؤكدا أن "هذا الأمر لن يمر إلا بحساب وألف حساب وسنعقد جلسة طارئة غداً لمحاسبة السلطة الحاكمة على هذه المأساة المروعة والشعب ينتظر منا أن نقوم بدورنا ولن نتخلى عن هذا الواجب الوطنى أبداً"

وأشار إلى أن هناك من يريد عن عمد إثارة الفوضى فى مصر وعرقلة أى مسار للانتقال السلمى السلطة ( إما السياسات القمعية والبوليسية أو حالة الفوضى كما قالها مبارك فى مثل هذا اليوم من العام الماضى ليلة موقعة الجمل)، مطالبا بضبط النفس لعدم إعطاء الفرصة للمتربصين بمصر والذين يريدون لها الشر، أما الشعب المصرى فهو قادر كما كان فى الثورة أن يحمى نفسه بنفسه ولتعود الشرطة لبيوتها إذا كانت تريد لنا هذه المؤامرة على التحول الديمقراطى.

ومن جانبه أشار الصحفي جمال الزهيري رئيس تحرير جريدة الأخبار الرياضي، إلى أنه كانت هناك حالة من الاحتقان بين بعض جماهير النادي المصري، وكانت هناك رغبة من البعض في إثارة الأزمة وإحداث حالة من الفوضى في البلاد، كما أكد اللواء ماجد البسيوني أنه كان يجب على مدير أمن بورسعيد إلغاء المباراة نهائيا، فليس هذا وقت لمباريات كرة القدم، وهناك مؤامرات تخطط لإغراق مصر في حالة الفوضى، مؤكدا أنه مهما كانت القوات الأمنية المتواجدة بالاستاد فلن تستطيع أن تقف في وجه هذا الشغب، ولهذا كان يجب إلغاء المباراة نهائيا.

وقال لاعب الكرة السابق نادر السيد: "لأول مرة في التاريخ في مباراة أهلي ومصري في ملعب بورسعيد لا يحضر المحافظ ولا مدير أمن بورسعيد..ليست صدفة، وليست صدفه ان يتحدث اليوم وزير الداخلية عن ضرورة رجوع قانون الطوارئ..و ليست صدفه حالات السطو المسلح الممنهجة و المدبرة كلها بنفس الأسلوب في أسبوع واحد فقط بعد إعلان طنطاوي رفع حاله الطوارئ، ليست صدفه أبدا..إن غدا لناظره قريب..أرواحنا لم تعد رخيصة"، ووافقه في ذلك النائب البورسعيدي البدري فرغلي حيث قال "الأمن غائب تماما وهناك تواطؤ واضح في هذه المجزرة.. وهي مجزرة ضد الشعب المصري.. ويؤكد أن هذه هي المرة الأولى التي لا يحضر فيها لقاء الأهلي والمصري محافظ بورسعيد ومدير الأمن.. والأمن سمح بدخول كل أنواع الأسلحة لاستاد بورسعيد!!".

ومن جانبها أكدت الناشطة السياسية إسراء فهيد، أن قوات الأمن المركزي انسحبت من الاستاد فور إنهاء الحكم للمبارة، وكأنها إشارة للبلطجية الموجودين في الاستاد بالنزول إلى أرض الملعب، وهو ما أكده أيضا الناشط السياسي جورج إسحاق، مشيرا إلى أن النادي المصري قد كسب المباراة فلماذا يقتل أهل بورسعيد الناس، ولماذا يرتكبون هذه الجريمة؟! متسائلا عن دور المؤسسة العسكرية في هذه الكارثة.

وقال رئيس الوزراء السابق عصام شرف في صفحته على الفيس بوك "إن تلك الأحداث هي فوضى ممنهجة"، والدكتور عصام شرف هو مسئول سابق وكان على علم بما يجري داخل أروقة السلطة، وكان قد صرح في اليوم الأول للانتخابات البرلمانية بأنه تحمل الكثير من أجل هذا اليوم.

الدكتور أيمن نور المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، عاد بالذاكرة ستين عامل للوراء، وتحديدا إلى عام 1954 حيث حدثت بعض المشاكل والاضطرابات التي تم على إثرها إلغاء الانتخابات وإلغاء الأحزاب، وفرض مجلس قيادة الثورة، محملا المجلس العسكري المسئولية الكاملة لما حدث في بورسعيد، وهو ما اتفق معه فيه النائب البرلماني زياد العليمي.

بالتزامن مع ذلك توقف لاعبو فريقي الزمالك والإسماعيلي عن استكمال مباراة كرة القدم في استاد القاهرة، ولم تمض سوى دقائق حتى اشتعلت النيران في استاد القاهرة، ولكن تمت السيطرة سريعا على الحريق، ولم تتحرك الجماهير من مكانها حيث سادت حالة الحزن الاستاد وكانت الجماهير قد بدأت في الخروج عقب توقف المباراة، بينما لا يزال اللاعبون في وسط الملعب، وعلى ما يبدو أن تزامن الحادثين لم يكن صدفة ولولا توقف المباراة لتطورت الأمور في استاد القاهرة وحدثت جريمة مشابهة.

إذا تم ربط هذه الأحداث بما حدث أمس الثلاثاء أمام مجلس الشعب من محاولة المتظاهرين الوصول إلى مجلس الشعب بالقوة، والتعدي على شباب الإخوان المسلمين الذي شكلوا دروعا بشرية أمام المجلس لمنع المتظاهرين من اقتحامه والاعتداء على النواب، بعد أن دعت حركة الاشتراكيين الثوريين باقتحام البرلمان، وقد ذكرت مصادر من داخل الجماعة أنها علمت بوجود مخطط لإحراق المجلس، وذلك بعد أيام قليلة من تعدي المتظاهرين على شباب الإخوان في ميدان التحرير، واتهام الإخوان بسرقة الثورة وخيانتها والتآمر مع المجلس العسكري، والدعوة لإسقاط البرلمان بحجة أن الميدان هو الشرعية.

إذا تم ربط كل هذا بما طالب به القيادي بحركة الاشتراكيين الثوريين، بهدم كل مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسة الجيش، وعدم اتخاذ السلطات أية إجراءات عقابية ضد هذا الشخص، فيمكننا القول أن هناك خطة لإعادة الفوضى إلى الشارع مرة أخرى، وقد صرح الناقد الرياضي إبراهيم حجازي على النهار الرياضية أن "الأمر مدبر من قبل ممن إستخدم الألتراس في لعبة السياسة، ولنظل في حالة الفوضى ونعود عشرات الخطوات للخلف ولإسقاط شرعية مجلس الشعب والبقاء على شرعية الشارع".

تتزامن هذه الأحداث كذلك مع مطالب سرعة نقل السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة، حيث تطالب معظم القوى السياسة بسرعة نقل السلطة وعودة القوات المسلحة إلى ثكناتها، وقد رفض المجلس العسكري توصية قدمها المجلس الاستشاري الذي شكله المجلس العسكري لمساعدته، وكانت توصية المجلس الاستشاري أن تجري انتخابات الرئاسة قبل شهر من الموعد الذي حدده المجلس العسكري، وهو المقترح الذي قدمه كذلك حزب الوفد المصري، لكن المجلس العسكري رفض كل هذه المقترحات، في وقت يواجه فيه اتهامات برغبته في البقاء بالسلطة أثناء إعداد الدستور، حتى يمارس تأثيره للحصول على وضع مميز بالدستور كان قد حاول فرضه في الوثيقة المعروفة باسم "وثيقة السلمي".

يمكن القول إذاً أن عدة أطراف تريد إثارة الفوضى في الشارع المصري، كل منهم له أهداف معينة، فالمجلس العسكري يريد وضعا مميزا في الدستور، والقوى اليسارية لا تريد أن تستقر الأمور بعد سيطرة التيار الإسلامي على البرلمان المصري وربما الرئاسة مستقبلا، وكذلك بقايا الحزب الوطني ورموزه المسجونين، يريدون إثارة الفوضى حتى لا يخضعوا لمحاكمات عاجلة، بعد أن طالب البرلمان بنقل مبارك لسجن طرة، وتواتر الأخبار حول مشروعات قوانين لمحاسبة هؤلاء محاسبة سياسية وأخرى جنائية عاجلة.

ردود أفعال القوى السياسية جاءت سريعة، فقد قال ممدوح إسماعيل عضو مجلس الشعب عن حزب الأصالة ونائب رئيس الحزب "أطالب الآن وفوراً بعقد جلسة طارئة للجنة الأمن القومي بالمجلس بالانعقاد وطلب إحاطة لوزير الداخلية والتحقيق مع مدير أمن بورسعيد بتورطه في الحادث حيث أن الأمن وقف متفرج علي ما يحدث، وأتقدم بخالص العزاء والآسي لجميع أسر الضحايا ".

كما أكد نادر بكار المتحدث الرسمي باسم حزب النور، أن الأجهزة الأمنية مدانة بوضوح في هذه الواقعة لتقصيرها الواضح في حماية الأرواح، وأنه لا يمكن فصل هذا المشهد عن عموم الفوضي التي يحاول البعض جر البلاد إليها، مؤكدا أنه لا يمكن السكوت على هذا الأمر، وقال "إن نواب النور سيمارسون دورهم التشريعي والرقابي وسيطرحون علي مجلس الشعب الأزمة الأمنية بكل تفاصيلها التي لم تقف فقط عند اعتداءات اليوم وإنما هي سلسلة من الاعتداءات علي البنوك والمحال التجارية وترويع الآمنين".

ومن جانبه أكد عمرو حمزاوي عضو مجلس الشعب أنه لابد من إقالة وزير الداخلية ومدير أمن بورسعيد ومحافظها فورا، وهو ما أكده النائب مصطفى النجار حيث أكد أنه من الممكن أن يطالب البرلمان غدا بسحب الثقة من الحكومة.

وسريعا أعلن الدكتور محمد سعد الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب، عقد جلسة طارئة صباح غد الخميس، لمناقشة تداعيات أسباب الحادث، ووجه نداء عاجلا للشباب قائلا "أرجوكم الزموا أماكنكم لا تستجيبوا للدعوات الهدامة التي تحرضكم على التوجه إلى بورسعيد أرجوكم لا تستجيبوا لها رفقا بأنفسكم وأهلكم ومصر قبل كل شئ اتحدوا اتحدوا بالله عليكم ..الحادث مخطط له ومدبر، أفيقوا أفيقوا يرحمكم الله".

 

http://islammemo.cc/Tkarer/Tkareer/2012/02/02/143178.html

 

مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم :

إرسال تعليق