-->

المخطط الدولي للسيطرة على الثورة السورية

المخطط الدولي للسيطرة على الثورة السورية

مجدي داود

Mdaoud_88@hotmail.com     

مفكرة الإسلام: يواصل نظام بشار الأسد بعصاباته وميليشياته، ارتكاب الجرائم والمجازر المروعة بحق الشعب السوري الأعزل، والتي بلغت قمتها وفظاعتها في مجزرة الحولة، وقتل الأطفال وذبحهم بدم بارد، وسط صمت عربي وغربي، ودفاع روسي إيراني، ويستمر الحصار وتستمر المعاناة، وكأن دماء الشعب السوري رخيصة إلى هذا الحد، ولو أن صهيونيا قتل لقامت الدنيا ولم تقعد، ولكن يبدو أن كل هذا يأتي ليخدم توجه المجتمع الدولي، نحو بلورة حل سياسي لتلك الأزمة، يقوم على أساس الالتفاف على أهداف هذه الثورة، وإضاعة دماء الشهداء، لتحقيق مصالح خاصة بالمجتمع الدولي، بغض النظر عما يريده الشعب السوري، ويسعى لتحقيقه، باذلا في ذلك الدماء الذكية والأرواح الطاهرة.

إن المجتمع الدولي والولايات المتحدة في القلب منه، يخشى من وصول الثوار الأبطال إلى رأس السلطة بعد زوال نظام الأسد، الذي يوقنون أنه سيرحل عاجلا أم آجلا، فهم يدركون جيدا أن وصول الثوار إلى السلطة، يعني تحرر الإرادة السورية، وبناء دولة سورية قوية، تقوم على سواعد أبنائها ودماء شهدائها، لا تقبل وصاية من أحد ولا تدخلا من أحد، دولة تستعيد نفوذها ومكانتها في المنطقة بعد أن أضاعها نظام الأسد على مدار العقود الماضية، وهو ما يعني خصما من نفوذ تلك القوى الدولية الذي تسعى لترسيخه، وتريد ضمان بقاء السيطرة السياسية والاقتصادية على كل دول المنطقة، بعدما فشلت في الاحتلال العسكري لدولها.

ويخشى المجتمع الدولي والولايات المتحدة خصوصا من وصول التيار الإسلامي في سوريا إلى السلطة بعد سقوط نظام الأسد، رغم أن الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي في سوريا لا يمثلون قوة كبيرة كما هو الحال في مصر، إلا أن المجازر والجرائم التي يتعرض لها السوريون، تجعل التيار الإسلامي هو الأقرب إليهم، ووصول التيار الإسلامي إلى رأس السلطة في سوريا، مع صعود التيار الإسلامي في مصر، يثير المخاوف من إمكانية قيام تحالف اقتصادي وسياسي بين البلدين، يلحق بهما فيه بعض الدول العربية الأخرى، وهو ما يعني تهديد مباشر للمصالح الغربية والأمريكية في المنطقة برمتها، خصوصا في ظل وجود حكومة ذات جذور إسلامية سنية في تركيا، وهو ما يجعل ذلك التحالف قويا، وتأثيره السلبي على المصالح الأمريكية والغربية أقوى وأكبر.

في الجانب الآخر تسعى روسيا إلى الاحتفاظ بمصالحها في سوريا، تلك المصالح التي جعلتها تقف بقوة خلال أكثر من عام في وجه المجتمع الدولي، واستخدمت حق الفيتو أكثر من مرة لصالح النظام السوري، ومصالح روسيا في سوريا كثيرة، منها عقود الأسلحة التي يستوردها النظام السوري وهي بمليارات الدولارات، وكذلك الصادرات الروسية إلى سوريا، وحجم الاستثمار الروسي في الأراضي السورية، بالإضافة إلى قاعدة ميناء طرطوس السوري التي هي قاعدة التموين البحرية الوحيدة للأسطول الروسى فى البحر المتوسط، وكل هذه المصالح ستكون مهددة بالطبع فور سقوط نظام الأسد، بسبب حالة الغضب الشديد تجاه روسيا لدى الشعب السوري والتي قد تدفعهم للانتقام من روسيا ومهاجمة المصالح الروسية في سوريا عقابا لهم على مساندة بشار الأسد وتبرير جرائمه وإمداده بالسلاح الذي يقتلهم به.

إن نجاح الثورة السورية واعتلاء الثوار كرسي السلطة في سوريا، ليس في صالح الكيان الصهيوني حتما، ذلك الكيان الذي استفاد أعظم استفادة من بقاء نظام الأسد، الذي أبقى على حالة اللا حرب واللا سلم، وترك الكيان الصهيوني مسيطرا على هضبة الجولان السورية المحتلة، منذ أكثر من خمس وأربعين سنة، فلا هو حررها بالحرب ولا استردها بالمفاوضات، وإن أي نظام سوري حر يأتي بعد الثورة، لن يمضي على وجوده سنوات قليلة، حتى يفتح ذلك الملف، ويطالب باستعادة الأرض المحتلة، وإن لهضبة الجولان أهمية استراتيجية كبيرة لدى الكيان الصهيوني، وهي ورقة قوة وضغط لمن يسيطر عليها، كما أن ذلك النظام الجديد سيهدد مصالح الكيان الصهيوني، ويقوض من غطرسته في البحر المتوسط، وقد يكون سندا حقيقيا للمقاومة الفلسطينية، وكل هذا يؤثر سلبا وبقوة على الكيان الصهيوني.

وهناك –للأسف الشديد- أنظمة عربية لا تعنيها تلك الدماء التي تسيل، ولا يعنيها إمكانية تقسيم سوريا، ولكن كل ما يهمها هو فشل تلك الثورة، وبقاء نظام الأسد كما هو، للمصالح المشتركة بينهم، ولكي لا يكون نجاح الثورة السورية دافعا لقيام الثورات في بلادهم، لأن نجاح الثورة السورية سيكون له دلالة بالغة، وهو أن استخدام القوة والمبالغة في ذلك وارتكاب الجرائم لن يوقف الشعوب الثائرة، بل سيزيدها إصرارا وثباتا ومضيا في الثورة.

إن المجتمع الدولي يدرك جيدا أنه لابد من رحيل بشار الأسد، وأن ذلك سيكون آجلا أم عاجلا، ولهذا فهو يسعى إلى إجهاض الثورة السورية، والالتفاف على أهدافها، من خلال بلورة حل سياسي يقضي بإبعاد بشار الأسد، مقابل الحفاظ على أركان وأسس نظامه كما هي، كما حدث في اليمن من انتخاب نائب الرئيس السابق رئيسا جديدا للبلاد، وكما حدث في مصر من تولي المجلس العسكري للحكم بعد خلع مبارك، وذلك ضمانا للمصالح الدولية في سوريا ولكي تبقى سوريا دائما أسيرة للقرار والموقف الغربي والروسي، وضمانا لأمن الكيان الصهيوني، ولهذا فإن المجتمع الدولي يؤخر حسم الأزمة في سوريا، حتى تستوي المؤامرة، ويتم الاتفاق بين جميع الأطراف على توزيع الكعكة، وينال كل منهم ما يريده ويحقق مصالحه في سوريا ما بعد بشار الأسد.

لكنهم يدركون أن الشعب السوري لا يتقبل هذه الفكرة حاليا، فهو يطالب بإسقاط النظام كله، ولكي يتقبل الشعب هذا الحل، لابد إلى أن يصل مرحلة غير مسبوقة من الجرائم التي ترتكبها عصابات الأسد، فكانت مجزرة الحولة ومجزرة القبير، والجرائم المتواصلة يوميا في ظل وجود ما يسمى بالمراقبين الدوليين، الذين يقومون بدور محوري في هذه المسرحية الهزلية، فهم يدفعون الشعب إلى مرحلة يبلغ فيها اليأس مبلغه عند قطاع عريض منه، ولا يرى بصيص أمل في زوال ذلك النظام، ويعتبر أي اتفاق يقضي بإبعاد بشار الأسد من الواجهة ورحيله عن السلطة تماما إنجازا كبيرا، حينئذ تقدم ذلك المجتمع الدولي المجرم، خطته الشيطانية لما يسمى "الحل السياسي للأزمة"، وحينئذ يكون على السوريين القبول به، وإلا فليتحملوا عاقبة أمرهم، وليذوقوا العذاب عقابا لهم، فالأسد يلعب حاليا دور المحلل لمن يأتي بعده، وعندما تحين اللحظة المناسبة سيرحل رغما عنه.

إزاء هذه المؤامرة على سوريا، يتوجب على الثوار السوريين، السلميين منهم والمسلحين، الإصرار على الرحيل الكامل لنظام الأسد، بكافة أركانه ومسئوليه ورجالاته، والاتفاق على ذلك بشكل ملزم لجميع الثوار، وألا يقبلوا الدخول في أية مفاوضات مع أي جهة من الجهات، دون أن يكون رحيل النظام بأكمله هو الأساس، بل يجب التأكيد على أنه سيتم محاكمة كل شخص تسبب في إراقة دماء الشعب السوري، ولن ينجو من ذلك أحد، ويجب أن يستمروا في توجيه الضربات العسكرية القوية لعصابات بشار الأسد، لبث الرعب في نفوسهم، والتأكيد على أن الشعب قادر على قلب الطاولة على الجميع، وقادر على تحقيق النصر رغم الآلام والجراح، وأن اليأس لن يتسرب إليه، وأن الدماء هي وقود الثورة حتى النصر.

ويجب على الثوار أن يتولوا بأنفسهم قيادة البلاد بعد إسقاط النظام، وألا يقعوا في نفس الخطأ الذي وقع فيه الثوار في مصر وها هم يندمون ولا ينفعهم الندم، ولهذا فإن عليهم الاستعداد لتحمل مسئولية قيادة الدولة، وهذا يتطلب منهم البحث عن الأمور المشتركة بينهم، وإظهارها والتأكيد عليها، وتنحية الخلافات والمصالح الشخصية جانبا، للحفاظ على دماء الشهداء ووحدة الأرض، وتحقيق أهداف تلك الثورة التي أهرقت من أجلها دماء أكثر من 15 ألف شهيد سوري على الأقل.

 

 

http://islammemo.cc/Tkarer/Tkareer/2012/06/21/151976.html



--
نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فإن ابتغينا العزة فى غيره أذلنا الله
مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم :

إرسال تعليق