-->

أولويات وأخطر ملفات الـ100 يوم الأولى في عهد "مرسي"

تقرير: أ. مجدي داود - مجلة البيان


ورث الرئيس المصري الجديد محمد مرسي، بلداً مليئة بالمشاكل، لا يخلو فيها قطاع من القطاعات، ولا مصلحة من المصالح، ولا هيئة من الهيئات، من فساد كبير، صار كالنار في الهشيم، فالفساد في مصر خلال الثلاثين عاماً الماضية هو فساد ممنهج، عززه وقواه ونماه رجالات الحزب الوطني ورموز نظام مبارك، وأذيالهم في كافة المصالح، حتى لا يكون هناك شريف يدعو للإصلاح، ويكون الجميع قد تورط في هذا الفساد، وهذا يفسر ذلك العدد الضخم من الأصوات التي حصل عليها مرشح الفلول ونظام مبارك في الانتخابات الرئاسية بجولتيها.

إن الرئيس الجديد يبدأ مهامه بمواجهة آلاف المشاكل العاجلة، والحرائق المشتعلة في كثير من الجبهات، بداية من الفوضى الأمنية المختلقة، والفساد الإداري والرقابي الذي بلغ مدى غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، وقفز قفزة هائلة خلال الفترة الانتقالية الماضية، والمطالب الفئوية التي استطاع المجلس العسكري تأجيلها خلال الفترة الماضية، والمشاكل التي اختلقها المجلس العسكري ودولته العميقة، خلال الشهور الأخيرة بشكل خاص لإسقاط البرلمان المنتخب، وإظهار فشله، وتنفير الناس من التيار الإسلامي، كل هذه المشاكل يواجهها الرئيس الجديد، الذي يحظى بفرصة واحدة غير قابلة للتكرار، وهناك الكثير ممن ينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض عليه، والإطاحة به.

يجب أن تكون الشفافية والوضوح، والتواصل الإعلامي الجيد مع الشعب المصري، من أولى أولويات الرئيس محمد مرسي، ويكون الشعب على علم بكل ما يفعله الرئيس من أجله، لأن جل وسائل الإعلام المصرية، سواء الحكومية أو الخاصة، هي تعمل ضد الرئيس المنتخب، حتى ولو كان ظاهرها غير ذلك، فالإعلام الحكومي يسيطر عليه فلول نظام مبارك ويتحكمون فيه، أما الإعلام الخاص فهو إما تابع لرجال أعمال نظام مبارك ممن نهبوا أموال الشعب وسرقوها، وإما هو تابع لبعض ذوي التوجهات الفكرية التي تحمل عداء فكرياً شديداً للتيار الإسلامي الذي ينتمي إليه الرئيس مرسي، وهؤلاء جميعا يكفرون بالديمقراطية ويتحينون الفرصة لإسقاط الرئيس، وإذا لم يفطن الرئيس لذلك، فربما تضيع كل جهوده وإنجازاته هدراً، نتيجة لأداء الإعلام المصري.

ويرى الكاتب الصحفي عبد الحليم قنديل أنه على الرئيس أن يركز معظم مجهوداته بخصوص المؤسسة الإعلامية لصالح إعادة هيكلة الإعلام الحكومي وبحث كيفية إعادة ثقة المواطنين فيه وأن يجعله هو الناطق باسم الدولة بشكل نزيه وحيادي، وذلك لأن الإعلام الخاص من الصعب إعادة هيكلته حاليًا لأنه مملوك لرجال أعمال ولهم توجهات خاصة ويتأثر بملاكه سواء كانوا أفرادًا أو هيئات سياسية.

وأوضح الدكتور محمد كامل القاضي أستاذ الإعلام بجامعة حلوان أنه يجب توافر شروط معينة لوزير الإعلام القادم وهى أن يكون محبًا ومخلصًا لمصر وأن يكون موضوعيًا وأن يكون محايدًا وأن يؤمن بحرية الإعلام مؤكدا أن السياسة الإعلامية الجيدة تبدأ من وزير الإعلام.

يعتبر الملف الأمني ثاني أهم الملفات التي يجب أن تحظى بأولوية الرئيس محمد مرسي بالتوازي مع ملف الدعم وضبط الأسعار، أما الأمن فهو الهاجس الأول لدى المواطنين، وهو محل التهديد الذي أطلقه الرئيس المخلوع ونفذه تلاميذه من بعده "أنا أو الفوضى"، وهو الملف الأساسي الذي اعتمد عليه أحمد شفيق في حملته، وكان سبباً في حصوله على عدد لا بأس به من الأصوات، خصوصاً أن هناك جهات بدأت بالفعل في إحداث حالة من الفوضى الموجهة، ومهاجمة بعض الأضرحة وغير المحجبات، وإدراكاً لأهمية هذا الملف، وفي إطار محاولات إفشال الرئيس محمد مرسي والتضييق عليه، يتمسك المجلس العسكري باختيار وزير الداخلية، وهو ما تنفيه جماعة الإخوان المسلمين.

ويؤكد عدد من الخبراء الأمنيين أنه يجب أن تشمل مؤسسة الرئاسة مستشاراً على الأقل للأمن، ويجب على الرئيس بصفته المخول باختيار وزير الداخلية، أن يختار وزيراً من داخل الوزارة نفسها لكنه ناجح في المكان الذي هو فيه، شريطة ألا يكون ممن يعرف عنهم التورط في عمليات قتل أو تعذيب أو عداء للتيار الإسلامي، ويرون كذلك ضرورة التأكيد على حق الاعتراض والتظاهر والتعبير السلمي عن الرأي، وعدم مواجهة ذلك بحلول أمنية عسكرية، بل يتم تأمينها جيدا، والتعامل معها بحسم وحزم ومهارة إذا تخلت عن طابعها السلمي، وقام المتظاهرون بالاعتداء على مؤسسات الدولة.

ويرى حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أنه يجب امتصاص الغضب ومحاولة فهم مطالبات المحتجين والمتظاهرين والتواصل معهم بطريقة وأخرى، وتعيين الرئيس لجنة متنوعة التخصصات لإدارة الأزمات مهمتها الإشراف والعمل على تلافيها من قبل حدوثها والوقاية من أضرارها وتفاقمها، فالوقاية خير من العلاج.

يحتل الدعم الحكومي للسلع الأساسية وضبط أسعارها، اهتماما كبيرا لدى جميع فئات الشعب المصري تقريبا، وقد استطاع المجلس العسكري بدهاء كبير إبعاد البرلمان المنتخب عن مناقشة الموازنة العامة للدولة، بسبب تأخر الحكومة في تقديمها للبرلمان، وبمجرد حل البرلمان، تم تقديم الموازنة العامة للمجلس العسكري لاعتمادها، وهو ما يعني أن الحكومة القادمة ستجد نفسها ملزمة بالموازنة التي أعدت خصيصا لخنق الرئيس الجديد.

وقد كشف النائب المهندس أشرف بدر الدين وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب أنه تم خفض الدعم بها 25 مليار جنيه دون تقديم برنامج لتعويض هذا الخفض، ولو حاول الرئيس أن يقلل هذا الخفض لن يجد اعتمادات مالية وبالتالي سيكون أمام خياران، إما أن ترتفع الأسعار أو يزيد العجز في الموازنة، مشيرا إلى أن الاستثمارات العامة تم رفعها من 28 مليارا إلى 43 مليار جنيه دون تحديد تكلفة تمويل هذه الاستثمارات، كما أكد أن موضوع العدالة الاجتماعية في الموازنة غير واضح من حيث زيادة معاش الضمان الاجتماعي وتحقيق حد أدنى للأجور، وكذلك لا يوجد اعتمادات مالية لتثبيت العمالة المؤقتة.

في ظل هذه الظروف يؤكد الخبراء أنه يجب على الرئيس تفعيل أجهزة الدولة الرقابية، لضبط الأسعار ومواجهة الاحتكار والسوق السوداء، وتقديم الخدمات للناس بصورة أفضل مما كانت عليه وعلى رأسها رغيف الخبز، وحل مشاكل نقص الوقود، وتشكيل فريق إدارة الأزمة لمواجهة أي مشاكل أو نقص في المواد والسلع الأساسية، خصوصا وأننا على أعتاب شهر رمضان الكريم، ويؤكدون كذلك على ضرورة كشف الحقائق أولا بأول للشعب المصري.

وتطالب فئات كثيرة من الشعب بتفعيل أجهزة الرقابة الإدارة على موظفي الهيئات الحكومية ذات الاحتكاك المباشر مع الشعب، مثل المجالس المحلية وغيرها، لمطاردة المرتشين والفاسدين، الذي يثقلون على كاهل الشعب ويزيدون معاناته، ويمتنعون عن تنفيذ مصالحه وطلباته، رغم أنها روتينية إلا بالحصول على رشوة، وهي ظاهرة منتشرة في كافة الهيئات الحكومية، وكانت أحد دوافع ثورة الخامس والعشرين من يناير، وإذا نجح الرئيس في تحجيم تلك الظاهرة، يكون نجح في إرضاء قطاع عريض من الشعب، يكون دافعا للصبر على الرئيس، حتى ينجز بقية وعوده.

إن الرئيس الجديد يبدأ ممارسة سلطاته منقوص الصلاحيات لصالح المجلس العسكري، ولن يستطيع وحده، أو بمساندة التيار الإسلامي كله، أن يقف في وجه المجلس العسكري، وإن الشعب المصري لم يعد يطيق سماع مبررات كثيرة من الإسلاميين، بعد التجربة الغير جيدة لمجلس الشعب، ولهذا يطالب المراقبون الرئيس محمد مرسي بضرورة تشكيل جبهة وطنية من القوى الثورية والسياسية الوطنية، تشكل سندا له، وتدعمه بقوة لانتزاع صلاحياته من المجلس العسكري، وبشكل خاص الوزارات السيادية والأجهزة الأمنية، وسلطة التشريع حتى يمكنه إصدار ما يلزم من تشريعات عاجلة خلال المرحلة المقبلة، التي ينتظر منه الشعب فيها الكثير والكثير، وإلا ستنقلب عليه هذه القوى الثورية والأحزاب السياسية، وسيجد الرئيس نفسه بعيد عن الشعب الذي لم يحقق له الرئيس أيا من وعوده بسبب صلاحياته المنقوصة.

تلك هي الملفات التي يجب أن تحتل المراتب الأولى في سلم أولويات الرئيس المصري محمد مرسي، ليشق طريقه نحو حكم دولة عريقة كمصر، تعاني من الفساد منذ عقود طويلة، وشعبها قد مل من الوعود التي لا تنفذ، فهي فرصة واحدة أمام الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، لن تتكرر، ولن يسامحهم الشعب هذه المرة إن فشلوا وأخفقوا، وسيكون رد الشعب على ذلك سريعا في الانتخابات البرلمانية المقبلة، فإما يجازيهم بإعادة انتخابهم، وإما يعاقبهم بانتخاب خصومهم.

:: موقع مجلة البيان الالكتروني


http://albayan.co.uk/article2.aspx?ID=2123


--
نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فإن ابتغينا العزة فى غيره أذلنا الله
مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم :

إرسال تعليق