-->

حماس تقود الميدان مجددا .. قيادة جديدة ومهارات عالية

حماس تقود الميدان مجددا .. قيادة جديدة ومهارات عالية

بقلم/ مجدي داود

      شن الاحتلال الصهيوني غاراته على قطاع غزة كالمعتاد، ظانًا أنه قادر على أن يحقق أهدافه ويصول ويجول في سماء القطاع يفعل ما يريد دون رد قوي، مستندًا في ذلك إلى جولات سابقة من التصعيد كانت فيها القوة العسكرية الأبرز في القطاع بعيدة عن التصعيد، مكتفية بالتحذير من التمادي، في حين كانت حركة الجهاد وبقية الفصائل الصغيرة تتولى عملية الرد على الخروقات والجرائم التي يرتكبها المحتل، إلا أنه فوجئ هذه المرة، بذلك المارد يخرج من جديد، ليوجه ضرباته إلى المحتل ويؤكد له أنه لا يزال موجودًا، وقادرًا على الرد بقوة، وفرض معادلته على القوة العسكرية الصهيونية المتغطرسة.

 

     كان مفاجئًا للكثيرين أن تدخل حركة حماس على خط التصعيد في هذا التوقيت، رغم أنها لم تفعل ذلك في جولات تصعيد أشد خلال الأشهر القليلة الماضية، وهو ما كان يغري جيش الاحتلال للتمادي في جرائمه، واغتيال بعض رموز المقاومة، متجنبًا اغتيال أي من مقاومي حماس، فيستثير غضبها، ظانًا أنه بهذا يتجنب رد فعلها، إلا أن الحركة فاجأت الجميع هذه المرة، برد سريع وقوي ومعلن بكل جرأة، حيث أطلقت الحركة خلال الأيام القليلة الماضية أكثر من مائة صاروخ وقذيفة، وهو ما حمل في طياته عدة رسائل إلى الكيان الصهيوني وأطراف أخرى في قطاع غزة وخارجه.

 

     إن هناك عدة أسباب ومتغيرات دفعت حركة حماس إلى الرد على جرائم الاحتلال الصهيوني، والمبادرة بذلك خلال هذه الجولة من التصعيد، يأتي على رأسها التغييرات التي حدثت في قيادة حركة حماس، وفي قطاع غزة بشكل خاص، فالانتخابات الداخلية في حركة حماس التي أجريت خلال الأسابيع الأخيرة، أدت إلى صعود عدد من القادة والرموز العسكريين وقادة الحركة الأسيرة المحررين، إلى القيادة السياسية، مثل أحمد الجعبري قائد كتائب القسام، ونزار عوض الله ومروان عيسى، والأسيرين المحررين يحيى السنوار وروحي مشتهى، بالإضافة إلى القائد عماد العلمي الذي عاد إلى قطاع غزة بعد مغادرة دمشق.

 

    إن صعود هذه القيادات العسكرية إلى القيادة السياسية، كان سببًا رئيسيًا في السماح لكتائب القسام بقيادة التصعيد ضد المحتل الصهيوني، فهذه القيادة تعرف قوة جناحها المسلح، كما أنها تجمع مع ذلك دخولها دهاليز القيادة السياسية، وهو ما يمكنها من إدراك الواقع بتفاصيله على حقيقته، وهذا ما سيتضح جليًا خلال جولات التصعيد القادمة، حيث من المرجح أن تكون حماس في مقدمة المتصدين للمحتل، وسيتعزز موقف الجناح العسكري في القيادة السياسية، وسيكون صوته مؤثرًا وبقوة عما كان سابقًا، وليس معنى هذا أن تهمش القيادة السياسية أو تهمل، ولكن سيكون هناك حالة من التوازن بين الجانبين أفضل مما كنت عليه خلال السنوات القليلة السابقة.

 

     ومن أهم الأسباب التي دفعت الحركة للرد على الكيان الصهيوني، هو توقيت العدوان الصهيوني، فالاحتلال حاول استغلال الأحداث في مصر وانشغال كافة أجهزة الدولة المصرية بما فيها المخابرات والخارجية، بالأزمة الداخلية المصرية، ليقوم بتحقيق بعض الأهداف، وربما اغتيال بعض رموز المقاومة وقيادات بعض الفصائل، وربما يمتد العدوان الصهيوني إلى اغتيال بعض قيادات حماس العسكريين، وهو ما أرادت الحركة أن تفسده من خلال الرد السريع على المحتل بما يربك حساباته، ويجعله يعيد النظر في الأمر مجددًا حتى لا يدخل في دوامة من التصعيد، وقد أدرك الاحتلال الرسالة القسامية سريعًا، وخشي إن هو استمر في تصعيده، أن تجره الكتائب إلى ما لا تحمد عقباه، خصوصًا وأنه لم يختبر قدراتها العسكرية منذ حرب الفرقان قبل ثلاثة أعوام ونصف.

 

     حاول البعض تفسير الرد القسامي بأنه جاء بعد الفوز المبدئي لمرشح الإخوان المسلمين في مصر، أي أنه رسالة إلى الكيان الصهيوني بأن الحركة صارت مدعومة من الجهة التي كانت سابقًا تقف بجانب الكيان الصهيوني، ألا وهي مصر، ولكن الأمر على خلاف ذلك، بل هو عكسه تمامًا، فإنه لو نظرنا إلى الأمر من تلك الجهة لكان يجب على الحركة ألا ترد، حتى لا تسبب حرجًا للإخوان المسلمين الذين لم يتسلموا السلطة بعد، فيستغل الإعلام ذلك لكي يشيع بين المصريين أن حماس بدأت تستغل الموقف حتى قبل أن ينصب الرئيس المصري الجديد رسميًا.

 

      لكن الأمر أيضًا غير منفصل عن فوز مرسي برئاسة مصر، فالحركة من خلال الرد المكثف والفوري، والمهارة التي أبدتها واستراتيجية قيادة التصعيد خلال الأيام الماضية، أرسلت رسالة إلى الكيان الصهيوني، بأنها في تطور مستمر على الصعيد العسكري، وأنها سترد على أي عدوان بشكل لا يتوقعه الاحتلال، وتهدف من وراء ذلك إلى ردع الكيان الصهيوني عن توجيه ضربات لقيادة المقاومة، خلال الفترة القادمة، تجبر المقاومة وفي القلب منها كتائب القسام على الرد عليها، وبالتالي يتسبب ذلك في إحراج القيادة السياسية الجديدة في مصر، التي ستواجه فور تنصيبها رسميًا مشاكل جمة، فإن هي وقفت بجانب المقاومة فستدخل في صراع سياسي مبكر مع الكيان الصهيوني، وإن هي فعلت كما يفعل المجلس العسكري حاليًا، فسيزايد عليها المزايدون، وما أكثرهم.

 

     كشف رد كتائب القسام على العدوان الصهيوني، عن تطور كبير لدى قيادة الكتائب وعناصرها، فرغم أن الكتائب أطلقت أكثر من 100 صاروخ وقذيفة على المعتصبات الصهيونية، إلا أن أيًا من عناصر الكتائب الذين أطلقوا هذه الصواريخ لم يصب بسوء، رغم أن سماء قطاع غزة ما خلت من طائرات الاستطلاع الصهيونية، حتى أثناء إطلاق تلك الصواريخ، وهو ما يعني أن العناصر وصلت إلى درجة من المهارة تسمح لها بالتخفي عن أعين الزنانات، كما أن الطريقة التي قادت بها قيادة الكتائب عملية التصعيد، تثبت أن القيادة لديها استراتيجية واضحة للتصعيد وإدارة المعركة، وأنها جاهزة لأي تصعيد وأي عدوان، دون أن يحدِث لها ارتباكًا، وهو تطور يدرك الاحتلال معناه وتداعياته جيدًا، وسيعمل له ألف حساب فيما هو قادم.

 

     ولقد حمل الرد القسامي عدة رسائل إلى أطراف في الداخل والخارج، رسالة إلى الجهات التي كانت تزايد على حركة حماس، وتتهمها بالتخلي عن مشروع المقاومة، وأنه بات كل همها الحفاظ على السلطة، بأن الحركة لا تزال تقود الميدان، وتحدد قواعد اللعبة مع المحتل، وقد اعترف أعضاء بالكنيست الصهيوني أن الحركة هي التي تحكمت في وتيرة التصعيد، وفي بداية ونهاية القصف والقصف المضاد، وأكدت الحركة عبر هذا الرد أن كتائب القسام تعمل في صمت، دون صخب أو ضجيج، فهي تستعد لكل الاحتمالات، وتستغل فترة التهدئة لتقوية نفسها، وتدريب عناصرها، لرفع مهاراتهم ولياقتهم، إلى أن تأتي اللحظة المناسبة.

 

صحفي مصري.

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع "قاوم"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر"


--
نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فإن ابتغينا العزة فى غيره أذلنا الله
مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم :

إرسال تعليق