-->

زواج ملك اليمين .. اختراع مصري لتشويه الإسلاميين

زواج ملك اليمين .. اختراع مصري لتشويه الإسلاميين

مجدي داود

 

لا تزال المرأة وقضاياها مثار حرب إعلامية تجاه التيار الإسلامي في مصر، تتجدد بعد كل فوز يحققه الإسلاميون أو قبيل أي انتخابات يخوضونها، فبعد قضية حجاب السيدة "أم أحمد" زوجة رئيس مصر، والهجوم الشديد عليه من قبل المتطرفين العلمانيين، وهو ما قوبل باستنكار شعبي، كونها تعبر عن القطاع عريض جدا من المصريين، أثار "مقاولي الإعلام" قضية جديدة، لكن هذه المرة كانت مفاجأة كبيرة، وقضية غريبة من نوعها، مفتراة في حقيقتها، يستطيع أي عاقل أن يدرك عدم صحتها، إلا أنهم لا يراهنون على ذوي العقول، بل يراهنون على أن يثيروا عوام الناس، ويملئوا قلوبهم كرها للتيار الإسلام.

بث مذيع مصري مقطع فيديو في برنامجه التليفزيوني يوضح قيام شخص بالزواج على طريقة "زواج ملك اليمين" من امرأة هي في الأصل زوجته، وقامت تلك المرأة بعد ذلك بخلع بعض ملابسها أمام الموجودين وأمام الكاميرا، وتحدث الرجل إلى الكاميرا ليزعم أنه فعل ذلك لإحياء سنة نبوية!!.

إن الله عز وجل حرم العلاقات بين الرجال والنساء خارج نطاق الزواج، إلا في حالة واحدة وهي حالة "ملك اليمين"، وملك اليمين ليس نوعا من أنواع الزواج، بل هو أمر آخر منفصل تماما، والدليل البين القاطع على ذلك هو قوله سبحانه وتعالى في وصف المؤمنين في سورة المؤمنين {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [آيتان 6،5]، فالله عز وجل يصف المؤمنين بأنهم يحفظون فروجهم، إلا على أزواجهم (أو) ما ملكت أيمانهم، وحرف العطف هذا يؤكد أن ما قبله وما بعده أمرين منفصلين.

عندما نتحدث عن زوجات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، نذكرهن جميعا –رضي الله عنهن- ولا نذكر معهن السيدة مارية القبطية –رضي الله عنها- رغم أنها الوحيدة التي أنجب النبي -صلى الله عليه وسلم- منها بعد السيدة خديجة بنت خويلد –رضي الله عنها- ولا غيرها من الإماء ملك يمينه، حيث تذكر بعض الكتب أنهن أربعة، ولو كن يعتبرن من زوجاته لكن من أمهات المؤمنين، طبقا لقوله تعالى في سورة الأحزاب {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم}.

ملك اليمين في الشريعة هم الأرقاء والعبيد المملوكون لمن ملكهم، ذكورا كانوا أم إناثا، والمقصود في الآية هم الإناث، ويحق لمالك الأمة أن يطأها من غير عقد ولا شهود ولا مهر، مثلما هو الحال في الزواج لأنها ليست زوجة، وعندما يجامعها يطلق عليها (سُرّية) وجمعها (سراري)، ويترتب على هذا الجماع أمور كثيرة، لكن لا يغير ذلك من كونها أمة وليست زوجة، فمن أين جاء هذا الرجل وتلك المرأة، بما يسمى "زواج ملك اليمين"؟!، وما هي صيغة ذلك الزواج؟ ومن أين أتوا بها ولم تذكر كتب السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم أي شئ في ذلك، حتى أم ولده لم يعقد عليها؟!.

وبافتراض أن الرجل وكل من معه جاهلون بالشريعة، ولا يعرفون أحكامها، ولعب الشيطان بعقله فظن أنه عالم، خاصة أنه يزعم أنه من نسل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، من أين جاء الرجل بأمة ليعاملها معاملة ملك اليمين؟ هل يوجد في زماننا هذا عبيد وإماء؟ وكيف صارت تلك المرأة أمة؟ هل هي سبية في حرب؟ لم نسمع عن وجود الإماء والعبيد منذ عشرات السنين، وبلدنا مصر لا يوجد فيها هذا مطلقا منذ أكثر من مائتي عام على الأقل.

إن من أسباب الرق في الإسلام هي الأسر والسبي من الأعداء الكفار وذلك في الحروب، وقد وقعت الدول الإسلامية كلها على الاتفاقيات الدولية الخاصة بمعاملة الأسرى، ومنها اتفاقية جنيف، وهذه الاتفاقيات تمنع معاملة الأسرى كعبيد، وقد أحسن المسلمون خلال الحروب التي خاضوها بعد تلك الاتفاقيات معاملة الأسرى وضربوا أروع الأمثلة في ذلك، وطالما أن هذه الاتفاقيات لا تخالف الشريعة الإسلامية فلا يجوز التحلل منها، والسبب الثاني للرق هو أن تلد الأمة من غير سيدها، وفي هذه الحالة فإن مولودها يتبع أمه في الرق، والثالث هو أن يشتري الشخص عبدا من مالكه.

إن الله عز وجل قد جعل الحرية قيمة سامية، وحض المسلمين في أول الأمر على تحرير العبيد، وجعله من وسائل الكفارة، وإحدى صور المعروف ونيل الثواب، بل إنه سن تشريعا لهؤلاء العبيد، فإن الأمة لا تورث إذا جامعها سيدها ولا يحق له بيعها، بل تصير حرة بعد وفاته، ويكون ولدها أو بنتها منه حرا شأنه شأن سائر الأحرار وهو يحررها من رقها، وهي كلها وسائل لتحرير العبيد، وكان الصحابة رضي الله عنهن جميعا ينفقون أموالا ضخمة هائلة لتحرير هؤلاء العبيد، حتى في أوقات كان المسلمون في حاجة ماسة لتلك الأموال.

وقد اتفق العلماء على تحريم استرقاق الحر بغير سبب شرعي، حتى ولو كان برضاه، لما فيه من إبطال حق الله تعالى، لأن الإنسان لا يملك نفسه، بل هي ملك لخالقه، وبالتالي لا يحق له أن يبيع نفسه ويصير عبدا.

يقول صاحب فتح القدير: "والحرية حق الله تعالى، فلا يقدر أحد على إبطاله إلا بحكم الشرع، فلا يجوز إبطال هذا الحق، ومن ذلك لا يجوز استرقاق الحر، ولو رضي بذلك".

ويقول ابن قدامة في المغني: "الأصل في الآدميين الحرية، فإن الله تعالى خلق آدم وذريته أحراراً، وإنما الرق لعارض، فإذا لم يعلم ذلك العارض، فله حكم الأصل".

ومن هذا يتضح لنا فساد ذلك الاختراع المصري العجيب، الذي سمي "زواج ملك اليمين"، فالمرأة كانت حرة فكيف تصير أمة بغير سبب شرعي؟، وما هي أدلتهم في ذلك؟ لقد تحدث الرجل ولم يذكر كيف تحولت الحرة إلى أمة، ولا كيف يعيد الزواج منها رغم أنه عقد عليها عقدا شرعيا، ولقد كشف عن وجهه القبيح حين أكد أنه لا يخشى من الملاحقة القضائية على هذه الجريمة بسبب وجود العقد الشرعي!!.

في الحقيقة إن هذه قضية كارثية، القصد منها التشهير بالتيار الإسلامي وشيطنته في عيون المصريين، بعد فوز أحد أبنائه برئاسة الجمهورية، ولا يجد هؤلاء سلاحا أقوى من سلاح المرأة وقضاياها لاستخدامه ضد الإسلاميين، المرأة التي يزعمون أنها ستواجه تطرفا إسلاميا، وسيهضمون حقوقها ويمتهنون إنسانيتها، إذا هم يفعلون ذلك، ويجعلونها سلاحا رخيصا في حرب قذرة، ليوهموا عوام الناس التي لن تقبل بهذه "الدعارة العلنية" والاعتداء الصارخ على الأعراض، أن كل هذا بسبب فوز ذلك الرئيس، وأن ذلك التيار الإسلامي سيخترع أساليب جديدة للتحايل على القانون، وارتكاب الجرائم من خلالها.

إن هذه الجريمة –ولا يمكن وصفها بأقل من ذلك- بحق المرأة وقيمتها ومكانتها، وبحق الأسرة وقيمها وأحكامها وبحق المجتمع الملتزم بتقاليده وأعرافه، وبحق الأعراض المصونة، وذلك الإعلام الذي روج لقضية يعلم أنها مفبركة مختلقة، يستلزمان من تلك المنظمات التي تزعم أنها تهتم بالمرأة وتدافع عن قضاياها، أن تنتفض لكشف أبعاد تلك الجريمة والمتورطين فيها وتقديمهم للمحاكمة، خصوصا بعدما أكد علماء المسلمين أن هذه الجريمة تستوجب المحاكمة، فهل سيثبتون أنهم يدافعون حقا عن قضايا المرأة أم أنهم –كما نعلم جميعا- يتخذون من تلك الشعارات وسيلة للشهرة والكسب ومحاربة الإسلام وأحكامه وهدم الأسرة المسلمة؟!.

 

نشر بشبكة رسالة الإسلام – قسم المرأة

                 http://woman.islammessage.com/article.aspx?id=6213



--
نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فإن ابتغينا العزة فى غيره أذلنا الله
مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم :

إرسال تعليق