-->
نعم.. سقطت القصير ولكن 

مجدي داود
مجدي داود


تواردت الأنباء منذ صباح اليوم عن سقوط مدينة القصير، وجاء تأكيد من بعض الأخوة الثقات لصحة الأنباء، مشيرين في الوقت ذاته إلى استمرار المعارك وسيطرة الثوار على جزء من المدينة الباسلة.
وعلى كل الأحوال، وبافتراض سقوط المدينة، فهذه ليست نهاية المعركة، فالحروب دوما سجال، يوم لك ويوم عليك، وليست هذه نهاية المطاف، فالجولات لا تزال مستمرة، والنصر قادم بإذن الملك الديان.
إن الناظر إلى التاريخ الإسلامي يجده مليئا بهذه المواقف، بدءا من غزوة أحد، وحتى يومنا هذا، ولكني سأشير إلى قصة تغيب عن أذهان الكثيرين، ألا وهي قصة التتار والمسلمين.
لقد ابتدأ القتال بين التتار والمسلمين أول ما ابتدأ، في عهد السلطان المسلم مؤسس الدولة الخوارزمية خوارزم شاه، والملك التتاري جنكيز خان، واستمر القتال سنوات وسنوات، وكانت حروبا سجال، حتى هُزم خوارزم شاه، وسبي بعض نساء بيته، وجاء من بعده ولده السلطان جلال الدين، واستمرت القتال السجال، حتى هزم وقتل بقية نساء بيته، حتى لا يقعن سبايا، وقام بتهريب ابنته وابن أخته مع أحد العمال.
استطاع جلال الدين أن يبني مملكة صغيرة، ويستعيد بها بعض ما فقده وسيطر عليه التتار، وجمع الله شمله على ابنته وابن أخته، وهزم التتار في مرات متتالية، حتى جاء أمر الله، وهزم جلال الدين هزيمة منكرة، وبيعت ابنته وابن أخته في سوق الرقيق.
وبعد عشرات السنين، من تلك الهزيمة وهذا الهوان الذي نزل بآل خوارزم شاه، حتى بيع حفيديه في سوق الرقيق كالعبيد، تولى ذلك الفتى الذي صار اسمه "قطز" أمر مصر، وقاد المسلمين في معركة عظيمة في عين جالوت، انتهت بكسر شوكة التتار، وانحسارهم في بلادهم التي جاؤوا منها أول مرة.
هكذا هي الحروب، وليست الحروب انتصارات دوما، وليست الانتصارات هي فقط الانتصار في ميدان المعركة، فقد بدأت المعركة في عهد الجدين، وانتهت في عهد الحفيدين قطز وهولاكو.
إن المسلمين لا يسعون إلى مغنم ولا مكسب، ولكنهم أولا وأخيرا يرجون رضا الله عز وجل، فكيفما كانت النتيجة، فإن الله لا يحاسب عليها، ولكنه عز وجل أمرنا بالأخذ بالأسباب والتوكل عليه، فهو يحاسب على التقصير ولا يحاسب على النتيجة.
نعم، سقطت القصير، لكن لم تسقط العزيمة ولن تسقط، لم تسقط الإرادة ولن تسقط، لم تسقط الهمة ولن تسقط، ولم تسقط الثقة في الله ولن تسقط، ولم يخلف الله وعده أبدا ولن يخلف.
مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم : في الصميم

إرسال تعليق