-->

مثنى الضاري في حوار مع " البيان": صراع العراق يتسع بإرادة شعبية

أجرى الحوار: أ. مجدي داود


لا تزال بلاد الرافدين تعاني ويلات الاحتلال الأمريكي الذي استمر عدة سنوات، فقد خرج الاحتلال ليترك خلفه طائفية بغيضة على رأس الحكم، تمارس كل أنواع الديكتاتورية والاستبداد، ضد أهل السنة وهم مكون رئيسي من مكونات الشعب العراقي، إلا أنهم مهضومي الحق منذ الاحتلال عقابا لهم على وقوفهم في وجهه، ورفعهم السلاح ضده وإعلان الجهاد حتى تحرير العراق.
ولقد صبر اهل السنة طويلا على هذا الظلم والاستبداد، حتى ضاقوا ذرعا، فانتفضوا في ديسمبر الماضي معلنين الاعتصام في الساحات حتى تحقيق المطالب التي رفعوها، وسط تجاهل حكومة المالكي التي قامت مؤخرا باقتحام إحدى ساحات الاعتصام السلمي ما تسبب في مقتل العشرات من المعتصمين الأبرياء.
حول الانتفاضة السنية وردود فعل قوات المالكي ورفضه الاستجابة للمطالب ومذبحة الحويجة دار هذا الحوار مع الدكتور مثنى حارث الضاري مسؤول قسم الثقافة والإعلام بهيئة علماء المسلمين في العراق.
واعتبر الضاري أن ما يحدث في العراق اليوم هو إحدى حلقات الصراع بين الاحتلال الأمريكي وآثاره وبين القوى المناهضة لهما، مشيرا إلى ان المالكي يراهن على عامل الوقت لتصفية هذه الانتفاضة والحراك السني، وأنه أقدم على جريمة الحويجة لاستكشاف رد الفعل لكي يكمل تنفيذ مخططه، وشدد على أن اهل السنة ماضون في طريقهم متمسكين بثوابتهم، وأن هناك اتفاق على ضرورة حماية النفوس وصون الدماء وانتزاع الحقوق انتزاعا.
وإلى نص الحوار:
البيان: بداية صف لنا المشهد السياسي الحالي في العراق .
المشهد السياسي حاليا في العراق مضطرب اشد الاضطراب وليس هذا بمستغرب؛ فهو نتاج متوقع لعملية سياسية في ظل احتلال؛ ومخرج موافق لمدخلات دستور مسخ مهد لكل ما يحصل الآن. ويمكن تقدير الحالة في العراق بشكل مختصر بوصفها: صفحة جديدة من صفحات الصراع بين الاحتلال وآثاره والقوى المناهضة لهما، مع فارق مهم هذه المرة هو في اتساع حالة الصراع واتخاذها بعدا جماهيريا كبيرا وتمتعه من طرف القوى المناهضة للاحتلال بحاضنة شعبية تعيد إلى الأذهان ما كانت عليه الأوضاع بعيد الاحتلال في عام 2003م. ويمثل طرف الاحتلال المالكي بحكمه الدكتاتوري المتصف بكل صفات الاستبداد السياسي والمتمتع بدوره بكل عوامل العنجهية والغرور والتوسل بالسلطة وطغيانها للبقاء في الحكم بأي طريقة ممكنة وبواسطة استخدام كل وسائل القوة والبطش الممكنة.. كل هذا على الرغم من تمتع الثورة الشعبية بالسلمية وعدم تقاطعها حتى مع مقتضيات الدستور المسخ نفسه.
البيان: لماذا يصر نوري المالكي على عدم الاستجابة لمطالب المعتصمين؟
- عدم استجابة نوري المالكي نابعة من أمرين:
أ‌- هو يعتقد أن الاستجابة لهذه المطالب؛ تمثل عامل ضعف قد يعزز إمكانات الانتقام من سلطته، وينظر إليها على انها مطالب تصطدم مع المقومات الأساسية لبقاء حكومته واستقرارها.
ب‌- مراهنته على عامل الوقت لغرض إنهاء الاعتصامات والتظاهرات بالقوة التي لا يمتلك كل عواملها في الوقت الحاضر، بانتظار تنفيذ صفقات السلاح التي ابرمها هنا وهناك؛ ليستخدمها في إنهاء التظاهرات والاعتصامات بالقوة. وخيار القوة هو خياره الذي صرح به منذ البداية ومازال مصراً عليه.
البيان:لماذا أقدم المالكي على التصعيد واقتحام ساحة الحويجة؟
الضاري : هو يراهن على عامل الوقت، وقضم والاعتصامات واحدا بعد آخر بكل الطرق الممكنة. وقد توهم بأنه يمكنه البدء بالحويجة لإرهاب الساحات الأخرى وإجبارها على حل نفسها بنفسها. وتم اختيار الحويجة بسبب بعدها عن بغداد أولاً وتذرعه بحادث عرضي حدث قريباً منها.
البيان: هل لذلك الأمر علاقة بالتطورات على الساحة الإقليمية؟
نعم هو متعلق بشكل كبير بالإحداث في سوريا وتطوراتها فالنظام المالكي ينظر للملفين السوري والعراقي نظرة واحدة ويعمل فيهما وفقاً لذلك. ويعي تماماً مدى التعاطف الكبير بين الشعبين والقضيتين، ومدى تأثير تداعيات انتصار أي ساحة منهما على الأخرى؛ ولذا تجده يعمل على المساهمة بكل قوة في دعم النظام السوري وتوفير ما يستطيع من احتياجاته اللوجستية وغيرها.
البيان: ما تعليقك على الانتخابات المحلية العراقية ونتائجها؟
يمكن تلخيصها بأنها: مثلها مثل غيرها صفة ونتيجة وواقعا ومآلا، مع تراجع ملحوظ للمالكي. فضلاً عن الأوضاع المضطربة التي اجريت فيها، وهي ظروف غير طبيعية ولا تسمح بإجراء أية انتخابات حقيقية فيها_بغض النظر عن موقفنا الرافض لها_. فالبلاد تكاد تشتعل وست محافظات تعلن جهارا ونهارا معارضتها للحكومة ومطالبتها بالتغيير الكامل.
البيان: لماذا يرفض المالكي إقامة إقليم لأهل السنة مع إن الدستور يسمح بذلك؟
كان المالكي يطمح مع غيره للأقاليم قبل سنوات؛ أما وقد حصل على العراق كله فما الداعي اذن لفيدراليات قد تعكر قليلا على مركزية الحكم التي يبغيها، فضلاً عن تداعيات الثورة السورية.
البيان: ما هي الخيارات المطروحة أمامكم في حال إصرار المالكي على عدم الاستجابة للمطالب؟
في الحقيقة لا خيارات مطروحة، وما يعلن عن الخيارات إنما هي وسائل للصراع السياسي ضد حكومة الاحتلال الخامسة ومحاولات لإرغام انفها ورد حججها. والمتفق عليه بين الجميع بغض النظر عن الاختلافات التفصيلية؛ هو ضرورة حماية النفوس وصون الدماء وانتزاع الحقوق انتزاعا. وهذا التوجه يلقى قبولاً الآن وتصاعدا وتناميا يوما بعد يوم.
البيان: هل هناك أي احتمال لحمل السلاح في مرحلة من المراحل ضد الحكومة؟ ولماذا؟
السلاح حمل الآن من قبل العشائر التي يقوم ثوارها الآن بالتصدي لمحاولات إرهاب المالكي وهجماته على المدن والقرى واستهدافه للناشطين في ساحات التظاهر والاعتصامات. واحتمالات تطور هذه الظاهرة واتساعها وانتشارها على مساحات أكبر؛ متوقع بشكل كبير. وتشير المعطيات على الارض فضلاً عن تصاعد نبرة الخطاب الشعبي ومطالبة الجماهير بالحل بالقوة إلى ان هناك استعدادت حقيقية لذلك سواء في صفوف أبناء العشائر أو في صفوف أبناء فصائل المقاومة.
البيان: كيف ترى مستقبل العراق في المستقبل القريب؟
مستقبل حافل بكل المخاطر، ولكنه مستقبل واعد بعون الله؛ فمادامت الثورة الشعبية قد انطلقت فيه؛ فإن الساعة لن تعود إلى الوراء.ِ وبوادر التغيير تلوح الآن في الأفق، فضلاً عن متغيرات محسوسة وملموسة. ولعل الأوضاع المضطربة الآن على الأصعدة السياسية والميدانية تدل على ذلك.

مجدي داود
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة مجدي داود .

جديد قسم : حوارات

إرسال تعليق